“العقيد” بايدن: الاستفتاء “شام” .. بشار جرار – واشنطن ..

يصر البعض في عالمنا المترنح بين الأحادية والتعددية القطبية، على التعامل مع المعمورة وكأنها “باب الحارة”. هكذا وكأنه “العقيد اللي شكلين ما بيحكي”!
أيام “العقيد” باراك حسين أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق الذي يعتقد كثيرون أنه ما زال في الحكم في ولاية ثالثة واجهتها نائب رئيسه، الرئيس الحالي جو بايدن، أيامه كان مجرد إعلان “تنسيقية” ما -عبر تويتر أو فيسبوك-“جمعة” ما، بعد صلاة الجمعة، بمثابة استفتاء وطني. هذه “جمعة غضب” وتلك “جمعة ما إلنا غيرك يا الله” حتى يخرج “العقيد” الأسمر في البيت الأبيض، معلنا أن أيام الرئيس الفلاني “معدودة” وأن عليه الرحيل!
إقرأ أيضاً: منبر الأمم المتحدة وحذاء خروتشوف!
أيامها، أيام الربيع العربي المشؤوم، لم يكن “الاستفتاء” معياراً بل مجرد “إفتاء” بتكفير فلان وتخوين علان. ما كانت تلك الاستفتاءات بكل أعمال العنف والإرهاب التي سبقتها ورافقتها ما كانت -سبحان الله- “شام” دون نصب الكلمة لأني أردت بها هنا الكلمة بالإنجليزية، وتعني كل ما هو مزيف، كاذب، أو غير قانوني. تماما كما وصف “العقيد” بايدن ومعه كل الجوقة الأطلسية الاستفتاء الرباعي بأنه “شام”.
إقرأ أيضاً: روسيا والغرب .. صراع الإيديولوجيات وحرب الأفكار ..
بايدن علّق الجمعة بعيد حفل توقيع بوتين وزعماء المناطق الأربع فيما كانت نسبته خمسة عشر بالمئة من أراضي أوكرانيا، علّق بأنه لن يعترف أبدا بالاستفتاء الـ”شام” وأن المناطق جميعها مازالت أوكرانية محتلة. لم يفت بايدن- تماما- كما الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، التأكيد على أن الناتو غير معني بحرب روسيا في أوكرانيا أو من أجلها لكن أمريكا والناتو يحذران وبمنتهى الجدية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التعدي على بوصة واحدة من أراضي الدول الأعضاء في الحلف. الأمر سيقف عند مزيد من العقوبات ومواصلة الحرب الإعلامية وضخ مليارات إضافية لفولوديمير زيلينسكي الذي ما زال يمارس صلاحياته الرئاسية والعسكرية من كييف.
المسكين – إن غلّبنا حسن الظن- ما زال رئيسا لدولة أوكرانيا بعد سبعة أشهر من “العملية الخاصة” الروسية، سارع وفي عمل اعتبر مسرحياً، إلى التوقيع في الهواء الطلق على طلب استعجال الضم إلى الناتو وهو المستحيل كون الحلف لا ينظر في عضوية بلد في حالة حرب.
بايدن وقادة آخرون من الناتو، غيروا من نبرة الحديث عن حادثة التسريب “الرباعي” من خط نوردستريم الثاني. وصف بايدن ما جرى بأنه “تخريب” وأن العمل جار للتحقيق في أسبابه، فيما اعتبره بوتين “إرهاباً دولياً” قد تأخذه روسيا ومعها الصين إلى مجلس الأمن الدولي أو المحكمة الدولية الجنائية.
إقرأ أيضاً: لن تمروا، الطريق لي ..
وفيما تخطئ نائب الرئيس، كمالا هاريس في أثناء زيارتها المنطقة الحدودية منزوعة السلاح بين الكوريتين بوصف كوريا “الشمالية” بالحليف الوثيق والتاريخي!!، يقرر زعيمها كيم جونغ أون زيارة بوتين في موسكو على وقع الاستفتاء الرباعي وحفل التصديق على روسيا بحدودها الجديدة..
ليس الاستفتاء الروسي بـ “شام”، وإنما النظام العالمي الراهن، الذي تم تحرير شهادة وفاته -غير مأسوف عليه- بمجرد توقيع بوتين، ورد بايدن بأن بلاده والناتو لن يدخلا حرباً مع الروس رغم عدم الاعتراف بضم المناطق ذات الأغلبية الروسية والتي ظلت تحت رحمة النازيين الجدد ثمانية أعوام، تغيرت فيها ثلاث إدارات أمريكية، أو بالأحرى اثنتين..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter
صفحتنا على فيس بوك – قناة التيليغرام – تويتر twitter