رأي

لن تمروا، الطريق لي .. بشار جرار – واشنطن-عمّان

 

مذ هاجرت إلى أمريكا قبل عقدين لم أجرؤ على قيادة سيارة في الأردن. راودتني نفسي بدافع من الحنين أكثر من مرة للإقدام على هذه المغامرة لكن دراستي في بريطانيا لـ”إدارة المجازفة” لجمت تلك الرغبة، وثمة فارق كبير بين الرغبة والحاجة عند اتخاذ أي قرار في الحياة.

صدّع كثير من القادة الكرام العظام على امتداد مشرقنا المكلوم، صدّعوا رؤوسنا بعبارة ذات صلة بالقيادة والطرق، من ضمنها أن الأمة أو الشعب أو الوطن “أمام منعطف خطر” وزادوا أننا “على مفترق طرق” لكن أياً منهم لم يكاشفنا عن “المطبات” الطبيعية أو الاصطناعية التي واجهتنا جميعا بأشبه ما يكون عقاباً جماعياً جراء حفنة من ممارسي الرعونة في القيادة، قيادة المركبات أقصد!

وكما هي المقولة الفرنسية التي صارت من أقوى أفلام النجم الأمريكي “دينزيل واشنطن”، ثمة “دي جافو” (إعادة الأحداث) لجميع حوادث السير في “بلاد العرب أوطاني”، حيث يتسبب ذلك المطب الذي كلحت ألوانه الباهتة أصلا، بانحراف وأحياناً صدام يخلف ضحايا قيل إن عددهم في بعض الدول العربية أعلى من عدد من سقطوا في الحروب مع إسرائيل كلها.

أهي(مؤامرة) – حرب “استنزاف”؟ أطال الله عمر نجمنا المحبوب الوطني الأصيل دريد لحام عندما انتقد بمرارة لاذعة حوادث الدهس في دمشق جراء عدم تأهيل قادة مركبات الجيش، قال يومها وما زلنا نحفظ الكثير من جمله الرائعة: “يدعسلو كم واحد حتى تاخد رجله على السواقة”..

للإنصاف، “كلنا في الهم شرق”، حتى في أمريكا ذات البنية التحتية المتميزة على الأقل في الطرق السريعة، ورغم جميع الإجراءات الخاصة بالسلامة العامة على الطرق قيادة ومشاة، فإن “المطب” القاتل ذاتي: النعاس جراء حرمان النوم أو سوء نوعيته (سليب آبنيا)، التراسل النصي، المخدرات والكحول من بين تلك المطبات لا بل والقنابل الموقوتة التي تتطلب وعياً، ومن قبل إيماناً، بمعنى مخافة الله، قبل أن يودي قائد أرعن بحياة الناس بقتل عشوائي ومنهجي في آن واحد، وأتحدث هنا عن رعونة قيادة المركبات لا السياسات!.

لكن ثمة سبب حاضر غائب عن أذهان الكثيرين، هي في حقيقية الأمر مجموعة من الأسباب المتداخلة وجميعها أخلاقية سلوكية، وفي الأصل ثقافية روحية، نعم روحية..

عدم الالتزام بالمسرب وهي ثقافة تضمن احترام الآخر بعيدا عن الأنانية، هو السبب الرئيسي في الاختناقات المرورية وكثير من حوادث التصادم والدهس.

الأنا المتضخمة هي أصل الأنانية، أمٌ لكثيرٍ من الشرور، والغضب، غضب الطريق أصله انعدام سلام داخلي، فإن تقاطعا حصل الصدام لا محالة.

أذكر بحمدالله، نجاتي وجار لي من حادث تصادم خفيف في أول مرة أقود فيها سيارتي على مفترق طرق في واشنطن. اتضح لي أن إشارة استخدام الضوء الأمامي مرتين يعني عكس ما يعنيه في الأردن وربما في المنطقة كلها، هي تعني في أمريكا “تفضل الطريق لك”، أما في مشرقنا فتعني، لا تمروا، فالطريق لي!.

درب السلامة للجميع والحافظ الله..

 

*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter

 

 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك