إضاءاتالعناوين الرئيسية

إحسان المنذر استثناء آخر … مراد داغوم

 

إحسان المنذر استثناء آخر   … مراد داغوم
بعد سنين طويلة من المراهقة في كل شيء، حتى بالموسيقا، قضيناها بالتندر أنا وصديقي سمير على المتوفر في السوق السورية من الأغنيات، وعلى الأسلوب الوحيد الساذج الممل في تأليفهاـ كانت لنا استثناءات نتوقف عندها وكأنها أيقونات “سيدة الدخول” العتيقة (*) لا نملك أمامها إلا الانحناء احتراماً وتقديساً، كانت هذه الاستثناءات ثلاثاً: غربية، مصرية، ولبنانية. فبعد أغنيات البوب والروك وروائع الموسيقا اللاتينية وبعض الكلاسيك الخفيف، كان لعبد الوهاب وعبد الحليم وأم كلثوم هالات تقديس تراها أعيننا، لكن الهالات الأكثر إشراقاً والأوسع طيفاً كانت لبنانية. وبالتأكيد كان للرحابنة المقام الأول، تليهما روافد مُشعة بألق موسيقي لا يخفى عن متذوق أَلِفَ السماعَ كالأكسجين، روافد مثل “رفيق حبيقة” و”إحسان المنذر”.
إحسان المنذر استثناء آخر   
بعد ألبومات كثيرة ومتعددة للمغنية “ماجدة الرومي” لم تستطع أن تقترب من كاحل الأبومها الأول 1977، اكتشفت أن ما كان يشدني ليس المغنية، بل بصمات “إحسان المنذر”. لحنا (ما حدا بيعبي) و(نبع المحبة) للمنذر كانا جوهر الجذب، بينما كان توزيع المنذر لأغنيات (خدني حبيبي) و(عم يسألوني عليك الناس) من ألحان “نور الملاح” توزيعاً أوركسترالياً أخّاذاً تساوت به الأغنيات الأربعة في القدرة على إبهار السامع. أما (عم بحلمك) فهي استثناء فريد لـ”الياس الرحباني” في الألبوم ذاته.
إحسان المنذر استثناء آخر   
في تلك الأيام، لم يكن اسم الملحن أو الموزع من بين اهتمامات السامعين، كانوا يكتفون بالاقتناع أن من غنى هو أساس نجاح العمل. التقيته في اللاذقية في مثل هذه الأيام الصيفية قبل منتصف التسعينات بقليل، كان ضيفاً فوق العادة على “مهرجان المحبة” الذي كنت أشارك في فعالياته تلك السنة مع فرقة زنوبيا بقيادة “حسين نازك”. كان يجلس منفرداً بتواضع محبَّب أمام واحدة من الطاولات المعدنية الطويلة في أحد مطاعم “الشاطئ الأزرق” يرتشف ما تبقى من كأس الشاي االكبير بعد الإفطار، وكان جمعٌ كبير من الموسيقيين ينتشر على بقية الطاولات. استجمعت شجاعتي وحملت كأسي واتجهت نحوه، حييته باسمه كأستاذ أكبر، وسألته السماح في مشاركته جلسته. ابتسم وقال: عرفتني؟ … أحزنتني رنة اللهفة في لهجته فقلت خجلاً: اعتاد زملائي أن يبتسموا من اهتمامي بالمجلات الفنية، صورك وأخبارك تكفي ليعرفك كل الناس. باشرته فوراً برأيي السابق عرضه أعلاه في ألبوم “ماجدة” الأول، وأسعدني حجم الارتياح الذي لمحته على تفاصيل وجهه، فزدته بأنني أعتبر “يا لومي” من أروع أغنيات الثمانينات وأنها استثناء بين ما غناه مطربو هذا الجيل. لم تطل الجلسة أكثر من عشرين دقيقة، اعتذر بعدها بلباقة وانسحب لشؤونه.
إحسان المنذر استثناء آخر   
بعد ذلك بعدة سنوات.. وفي رائعته الخالدة، “كلمات”، أثبت المنذر أنه استثناء حقيقي بين ملحني عصره. الملحن الذي يكتب اللحن موزعاً كأصول التأليف، مراعياً الاعتبارات الصحيحة للتآلف بين النص واللحن والصوت. اوقف بعدها دفق إبداعه بعد سيول الدارج من الأغنيات التي تبعها الجيل الأحدث من الجمهور، محافظاً على إرث موسيقي حققه، ضمن له احترام الجميع، حتى ممن لم يعرفوه. قائد أوركسترا برنامج “ستوديو الفن 1980” للمخرجين “سيمون أسمر” و”روميو لحود”، الذي مَرَّرَ نجوماً كباراً عبر قيادته، رحل منذ أيام، شامخاً كأمجاد الكبار الذين سبقوه. ونحن إذا نعتز بإرثه الصغير، نعرف أن أصغر جوهرة فيه تفوق كنوز المألوف لمعاناً وجذباً للسامعين. هذه روابط لأغنيات كانت استثناء بين ما غناه جيل الثمانينات، ألحان المنذر، وبعضها من توزيعه:
بكرا بيبرم دولابك
https://www.youtube.com/watch?v=NjSODnJfcj0
بكرا بيبرم دولابك بصوت راغب
https://www.youtube.com/watch?v=aNyIllNFYHY
يا لومي
https://www.youtube.com/watch?v=_TRlIowqcgw
ما حدا بيعبي
https://www.youtube.com/watch?v=1wAqJ1PfIIk
عم يسألوني عليك الناس – لحن نور الملاح – توزيع إحسان المنذر
https://www.youtube.com/watch?v=vxMmo_gV_Xo
خدني حبيبي – – لحن نور الملاح – توزيع إحسان المنذر
https://www.youtube.com/watch?v=L6hJDeoZ0vA
(*) “سيدة الدخول”، من أقدم كنائس الشرق، في حماة.

.

*مراد داغوم – مؤلف وموزع وناقد موسيقي – سوريا

لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى