رئيس التحرير

هل تنتج الجعجعة الأوروبية طحيناً أميريكياً

طارق عجيب – رئيس التحرير ..

|| Midline-news || – الوسط  ..

تتصاعد في الأونة الأخيرة حدة التصريحات والتهديدات الأوروبية تجاه موسكو وحلفائها لتصل في توافق لافتٍ للنظر إلى استخدام جملة ” كل الخيارات مطروحة ” في التعامل معها على الأرض في سوريا ، أو في نقاط التماس والاشتباك الأخرى بين موسكو وحلفائها من جهة وبين واشنطن وحلفائها من جهة أخرى  ، يترافق هذا التصعيد الكلامي الأوروبي ، بقراراتٍ اقتصادية تزيد من لائحة العقوبات على موسكو ، وتهدد بإجراءاتٍ اشد وأكثر صرامة وحزم .

تحاول القارة العجوز في المواقف الأخيرة لساستها وحكامها أن تستحضر بعضاً من شبابها ، وجزءاً من فتوتها القديمة ، وتستدرك تردي حالها الاقتصادي والسياسي ، وتراجع دورها وتأثيرها على الساحة العالمية ، وفي منطقتنا التي كانت في غالبيتها مستعمرات أوروبية لا تزال رائحة الأوروبي في شوارعها حتى الأن ، علها تحجز لنفسها مكاناً متقدماً في النظام العالمي الجديد ، رغم التفكك الذي يتهددها بعد أن فصلت بريطانيا نفسها عن الاتحاد الأوروبي ، واصبحت تسعى بشكل مستقل إلى استرجاع دورها التاريخي وماضيها الاستعماري الذي حقق لها على مدى قرون كثيرة مكاسب ومكانة يبدو أنها افتقدتها مؤخراً .

الاستعداد لكل الخيارات المطروحة جاء على لسان معظم قادة الدول الأوروبية ، ورغم خطورة الطرح إلا أنه كما يرى المراقبون جاء بإيحاء أو طلب أميركي لحشد أقصى ضغط على موسكو وحلفائها بعد أن تمكنوا من إطباق الحصار على أدوات واشنطن وحلفائها في الأحياء الشرقية لمدينة حلب ، مما ينذر بقرب انتهاء المشروع الأميركي الغربي في المنطقة ، وبالتالي إفشال المخططات الكبرى التي وضعتها أميركا وشركائها الغربيين لمستقبل المنطقة والعالم يما يخدم مصالحهم ومشاريعهم واستراتيجياتهم في المنطقة .

الثنائية الأميركية الروسية التي تبلورت في الاشهر الأخيرة عكست واقعاً يدلل بشكل مباشر على عدم أهلية أوربا لتكون نداً للقطبين الرئيسين في العالم الجديد ، ويدلل أيضاً على تبعية أوروبا الكاملة للسيد الأميركي ، وهو ما ترجمه القادة الأوروبيين بشكل مباشر أيضاً عبر التزامهم الكامل بالسياسة الأميركية ، وتنفيذ التعليمات الأميركية في التصعيد أو التجييش ضد أعداء أميركا ، وعبر اتخاذ قرارات اقتصادية يؤكد الكثير من المختصين في هذا الشان أن تأثيرها على أوروبا له أثار سلبية كبيرة جداً ، وقد يضر بالاقتصاد الأوروبي بشكل عام ، إلا أن السياسة تطغى على الاقتصاد ، طالما أن الأميركي يرى في ذلك الصواب الذي يريده .

لا يستطيع أحد أن ينكر أن كل هذه الضغوط الأوروبية بقيادة أميركية لا بد أن تثمر ، وإن كان بنسب غير عالية ، أو بنتائج أقل بكثير من المتوقع ، خاصة أن البديل الذي يفرض نفسه في حال التعنت الكامل من الطرفين هو الحرب الشاملة التي من الواضح أن الجميع لا يريدها الأن ، وإن كان الاستعداد لها واضحاً من قبل الروسي والأميركي إذا تطلب الأمر خوضها ، إلا أن الواضح من واقع الثنائية الأميركية الروسية أن هذه الجعجعة الأوروبية إن أنتجت طحيناً فسيكون في حفظ الأميركي ورعايته .  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى