رئيس التحرير

“الحاوي” أردوغان .. أيقونة الإسلام السياسي .. “الحجر في مطرحه قنطار” .. طارق عجيب ..

 

يخوض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معارك صعبة كثيرة في الداخل والإقليم والعالم، ومع اختلاف جغرافيات هذه المعارك تختلف الدوافع والغايات والتشابكات، كما تختلف مستلزماتها وظروفها وضروراتها واستحقاقاتها.

ورغم وجود دول عظمى وتحالفات كبرى وأطراف قوية في كل هذه المعارك، إلا أن أردوغان تمكن من فرض تركيا كطرف رئيس في مساراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية وغير ذلك من مسارات، وحجز لها دوراً ومكانة من الصعب تجاوزها، إن لم نقل لا يمكن تجاوزها، في أي سيناريو من السيناريوهات التي يتم رسمها أو تنفيذها.

هذه المكانة لم تأتِ من عبقرية شخصية صرفة لأردوغان، بل من إدراك سليم لعوامل القوة الأساسية التي تمتلكها الدولة التركية بحكم موقعها الجغرافي، ونتيجة مجموعة تحالفاتاتها واتفاقياتاتها وعلاقاتها الاستراتيجية، إضافةً إلى مقومات داخلية وعوامل تاريخية وأيديولوجية بإمكانه أن يستثمرها في خدمة سياساته واستراتيجياته، والأهم من ذلك إدراك أردوغان لمدى حاجة الأطراف المختلفة، ومن ضمنها الأقطاب العالمية الكبرى والتحالفات الحالية وحتى التحالفات المستقبلية، لدور ومكانة تركيا في أي نظام عالمي جديد.

هنالك أيضاً عوامل قوة داعمة لهذه المكانة، أهمها قناعته وتبنيه الكامل لفكر الإخوان المسلمين الذي سخَّر له دعم الجماعة وشوارعها التي تعاملت معه كخليفة للمسلمين وحامي حماهم في كافة أصقاع الأرض، وساعدت بؤر “التركمان- العثمانيين” المنتشرة في أرجاء الإمبراطورية البائدة، والشوارع الإخوانية في كثير من الدول، ساعدت في امتلاكه أوراق ضغط في أماكن تواجدها، خاصة مع توفر التمويل “المفتوح” من دول غنية منتمية ايديولوجياً لفكر جماعة الإخوان التي أسهمت هي وكل من بايعها من دول وأحزاب ومنظمات ومؤسسات، عبر الدعم المالي والسياسي والإعلامي، في تكريس أردوغان كرمز يمثل أيقونة الإسلام السياسي.

أيضاً، اكتشف أردوغان التوافق الكبير بين الفكر السياسي المبني على أولوية المصالح، إن لم نقل حصريتها، في العلاقات بين الدول، وأن السياسة “لادين لها”، وبين فكر الإسلام السياسي الذي يستخدم الدين غطاءً ومطيةً للوصول إلى السلطة مهما كان الثمن، فأصبح يستند على هذين الركيزتين في معاركه كافةً بما يمكن تسميته “براغماتية مذهلة” تخدم مصلحة تركيا الصرفة التي يريدها “السلطان” وتحقق له غاياته ومُراده.

هو ليس تعظيماً لدور ومكانة تركيا، بل هو توصيف لواقع أدركه أردوغان ويمكن توصيفه بمقولة “الحجر في مطرحه قنطار”, واقعٌ لا بد من فهمه في البداية لمحاولة استقراء أو فهم طريقة تعاطيه مع الملفات بشكل عام ومع ملف الأزمة السورية بشكل خاص ..

ما سبق يبقي حالة غموض كبيرة فيما يتعلق بالحالة السورية التركية، ويفرض حالة شك وعدم ثقة بما يحاول أردوغان أن يُخرجه من “جُرابه” في هذه الفترة، خاصة مع انشغاله بأزمات أخرى يعتبرها أكثر أهمية ولها الأولوية على الأزمة السورية، وهو يعرف أن نتائج هذه الأزمات ستؤثر حكماً على مدى قدرته على المناورة وتحقيق المكاسب في التعاطي مع الأزمة السورية.

استمرار الأزمات العالمية الكبرى يعني استمرار حالة الغموض لدى أردوغان، وقبل أن يتم حسم واحدة أو اكثر من أزماته الكثيرة ومعاركه الضروس، لن تُترجَم تصريحاته المبطنة وتلميحاته ورسائل أركان نظامه إلى سوريا، لن تتحول إلى فعل حقيقي على أرض الواقع، بل سيبقى أردوغان ذلك “الجوكر-الحاوي” الذي يغير قِناعه بما يناسب كل مسرح، ويرقص على كل الحبال، ويلعب بالبيضة والحجر، ويخفي في قبعته مفاجآت تُبقي جمهوره مترقباً فاغراً فاه ..

 

*رئيس تحرير موقع الوسط ..

 

صفحتنا على فيس بوك 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك