نحنا والإمارات .. و”إسرائيل” .. والزمن طويل .. طارق عجيب ..

midline-news .. الوسط ..
أثبتت الإمارات العربية المتحدة أنها بلد يمتلك القدرة على اتخاذ ما يناسبه من قرارات يراها تخدم مصلحته ومصلحة شعبه، وحرّر نفسه من عبء الإرث العربي الذي تشظى لأسباب كثيرة داخلية وخارجية، التقطها الإماراتي في الوقت المناسب له وترجم ذلك خطواتٍ عملية تسهم في مسيرة نهضته التي أذهلت العالم .
في ظل المتغيرات الدولية، ومع بداية الألفية الثانية دخلت على المشهد السياسي العربي والعالمي معطيات جديدة، وتغيرت معطيات أخرى كانت حاكمة، شكّل عدد منها نقاط انعطافات كثيرة كان بعضها حاداً إلى درجة الانعكاس .. وبعضها الأخر شكّل ركائز لسياسات جديدة اختلفت وانفصلت عن السياسات التي كانت ناظمة لما يسمى التوافق العربي .. وهذا لم يكن حكراً على الإمارات العربية المتحدة وحدها بل طال دولاً أخرى عربية وغير عربية، لكن الإمارات امتلكت جرأة تغيير خياراتها ومسارات سياساتها وتحالفاتها بما آمنت انه الخيار الأفضل للدولة، واتخذت قرارَ تحمُّل تبعات قراراتها وسياساتها التي اقتنعت انها تتناسب وتخدم الرؤية الاستراتيجية للدولة ومصلحة شعبها .
لا تحتاج الإمارات إلى من يبرر لها سياساتها وقراراتها، ولا يعنيها من يوافق على تحالفاتها أو يعترض، هي تدرك تماماً مكانتها وإمكانياتها، وتتحكم بحرفية وثقة بحصتها من أوراق لعبة الأمم، وتسعى لتكون فاعلة ومؤثرة في هذه اللعبة عبر استثمار ما يتوفر بين يديها من أوراق فاعلة ومؤثرة، سياسية واقتصادية واستخباراتية وإعلامية وغيرها مما لا نعلم، وهذا يُحسب لها لا عليها .
عندما نريد أن نتحدث عن الإمارات العربية المتحدة، يجب ان نتحدث عن أنموذج متكامل للدولة، عن نتائج وجدوى سياساتها وخياراتها على الداخل الإماراتي وعلى محيطها القريب والبعيد، ولا يحق لأحد ان ينتقد هذا الأنموذج بالاعتماد على شواهدَ مُنتقاة تخدم وجهات نظر تختلف أو تتناقض معه طالما أن من يريد أن ينتقد لم ينجح ببناء أنموذجه المختلف القادر أن يضعه كخيار مقابل ناجح أيضاً ومتكامل، بمعطيات تدحض معطيات ومبررات الإمارات بخياراتها التي يعتبرها البعض خروجاً عن الثوابت العربية وتخلٍ عن قضايا الأمة، وخذلاناً لآمال وتطلعات الشعوب العربية .
من الطبيعي ألّا يكون تَـقـبُّل “القصة” بهذه البساطة، فالمشهد السياسي الخليجي والعربي والإقليمي والدولي في غاية التعقيد، والخوض فيه حالياً سيزيد التشويشَ والتنافرَ والتضاد بين أي وجهتي نظر، لكن يمكن التعاطي مع أي تشكيل جديد في المشهد الكلي بعين الراصد والمتابع الذي ينتظر أن يهدأ ثوران الألوان المختلفة التي تشكل المشهد، لعله حينها يكون قادراً على التدخل بشكل يكبح جماح الفوضى التي خلفها هذا الثوران، ويرمم ويستعيد ويرتب ما خلفته هذه الفوضى من خراب ودمار وتشويه طال البشر والحجر والثوابت، تلك الفوضى التي صنعتها أيادٍ تتقصد أن تعيث فساداً في جغرافيات معينة لتعيد صياغة دواخلها بما يحقق غايات هذه الجهات في الهيمنة والتحكم .
لنراقب تجربة الإمارات في علاقاتها واتفاقاتها الجديدة، ولننتظر حتى تتبلور معالم ومآلات هذه التجربة، بعدها يمكن تناول هذه التجربة بشكل منطقي وموضوعي مبني على معطيات واضحة ونتائج معلنة على كل المستويات التي تتأثر بهذ الاتفاقات، حينها يمكن تقييم مدى صوابية هذه الخيارات التي قررت الإمارات المضي فيها.
ولكي لا يرفع أحدٌ ما صوته معترضاً على ما لا يحق له الاعتراض عليه نذكر ما يلي :
- العلاقات الرسمية الجيدة والمتميزة بما فيها السفارات المتبادلة مع الكيان الصهيوني موجودة في الغالبية العظمى من الدول التي نعيش فيها كمغتربين ولاجئين، وفي الدول التي نسعى للعيش فيها، وفي دول أصدقاء وحلفاء .
- العلاقات غير الرسمية الجيدة والمتميزة دون وجود سفارات متبادلة مع الكيان الصهيوني، موجودة في الغالبية العظمى من الدول التي لم تعلن حتى الأن رسمياً عن هذه العلاقات وتتبادل السفارات .
- إمكانية عقد محادثات سلام وتطبيع مع الكيان الصهيوني موجودة لدى كل الدول المتبقية.
هنا لا بد من تسجل موقف واضح :
- فلسطين أرض عربية وستبقى عربية .
- ما يسمى “دولة إسرائيل” هو صناعة مجموعة عصابات صهيونية حضرت من اوروبا “بريطانيا وغيرها” إلى أرض فلسطين ضمن مشروغ غربي أوروبي، وهذه العصابات بالدعم الغربي الذي تتلقاه، وبتواطؤ عربي جاهل وأحمق وجشع، تمكنت من اغتصاب الأرض وتشريد الشعب، واستكملت مؤامرتها بإعلان دولتها غير الشرعية على أرض فلسطين .
- “دولة إسرائيل” كيان طارئ وعابر وإلى زوال، قد يكون قوياً في هذه الفترة من التاريخ، ويفرض على المنطقة والعالم الكثير من إرادته، لكنه سيسقط ويزول دون شك لانه ليس ابن الحغرافيا، ولا تاريخ له في المنطقة مهما حاول فبركة وتزوير عكس ذلك .
- هذا الكيان ليس حالة طارئة وحيدة أو خاصة في التاريخ، قبله هناك حالات كثيرة، فالعثمانيون قبله حالة امتدت أربعة قرون ونهايتها لا زالت طازجة على أيدي أبناء الأرض، وقبل ذلك حالة العرب في الأندلس التي امتدت سبعة قرون وانتهت على أيدي أبناء الجغرافيا والتاريخ، وقبلهما حالات كثيرة .
كل ما سبق يجعل من فكرة أننا يجب ان نضع نقطة أخر السطر، ونُسلِّم بما قبلها، هي فكرة استسلامية وظالمة بحق المستقبل والأجيال القادمة .
ممكن أن نضع نقطة أخر السطر على الصفحة المفروضة علينا حالياً .. لكن صفحات التاريخ تتالى، وهي أزلية وسرمدية، ليس لها بداية ولن يكون لها نهاية .