العناوين الرئيسيةمرايا

من هم جماعة آزوف -النازيون الجدد ؟

ولماذا يسعى بوتين لاجتثاثهم؟

 

منذ اليوم الأول لإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء العملية العسكرية في أوكرانيا ..يتكرر مصطلح النازيين الجدد في خطاب القيادة الروسية، من هم جماعة آزوف-النازيون الجدد؟.. ولماذا يسعى بوتين لاجتثاثهم؟ ومعاقبتهم ..بسبب سياساتهم المتطرفة طوال السنوات القليلة الماضية ضد كل ما يرتبط بروسيا داخل أوكرانيا.

وسبق أن كشف، ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم «الكرملين» أن موسكو تخطط لـ«تحرير أوكرانيا» من «النازيين الجدد وأنصارهم وأيديولوجيتهم»، لافتا إلى أن كييف اجتذبت ما يسمى «الكتائب الطوعية»، وهي حسب التوصيف الروسي مجموعات من القوميين المتعصبين بتمويل وتجهيز رجال الأعمال الأوكرانيين المقربين من حكومة ما بعد 2014 .

من هم جماعة آزوف النازيون الجدد في أوكرانيا؟.. ولماذا يسعى بوتين لاجتثاثهم؟

نشأت  في مدينة ماريوبول على ساحل بحر آزوف. وتألفت عند نشأتها من مجموعة من مشجعي كرة القدم المتطرفين.

ثم قام أندري بيلتسكي، وهو فاشيستي أوكراني، بتشكيل ميليشيا تحمل اسم «آزوف»، كل أعضائها من المنتمين إلى اليمين القومي المتطرف في أوكرانيا.

أهدافها:

تتبني أيديولوجية “النازيين الجدد” وخطاب كراهية وتدعو لتفوق العنصر الأبيض، تصف نفسها بأنها منظمة قومية متطرفة.

ظهر بيلتسكي للمرة الأولى برفقة مسلحي «آزوف»، كفرقة متطوعة خلال الاشتباكات الدموية التي شهدتها مدينة أوديسا الأوكرانية في آيار /مايو من العام 2014، بين الموالين للثورة البرتقالية في كييف، والتي طالبت بعزل السلطة الموالية لروسيا، وبين المعارضين لهؤلاء.

و في العام 2014، وأثناء احتدام الأحداث التي أدت في النهاية إلى ضم روسيا شبه جزيرة القرم وإعلان انفصال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن الحكومة المركزية في كييف،  أظهر مقاتلو «آزوف» وحشية كبيرة في تلك الأحداث، حتى وصل عدد القتلى من صفوف المعارضين في أحد أيامها، إلى أكثر من 40 شخص.

كوفئت «آزوف» على قسوتها المفرطة بقبول ضمها رسميًا إلى الحرس الوطني الأوكراني، ودفعها إلى خطوط المواجهة الأمامية الجديدة مع الانفصاليين المدعومين من روسيا في إقليم دونباس. لتكون تلك لحظة البداية في العلاقة القوية التي جمعت الميليشيا النازية بالحكومة الأوكرانية في كييف، والتي أصبحت الآن موالية للغرب.

أفكار قاتلة
منذ ذلك الظفر بالاعتراف الرسمي من قبل السلطات الأوكرانية، عملت «آزوف» بصورة علانية في أوكرانيا. كما عملت حتى على إذاعة الأفكار العنصرية النازية على نطاق واسع، حتى أنها تجاوزت النطاق الجغرافي المحدود لأوكرانيا، إلى دعوة المؤمنين بالنازية في العالم إلى الانضمام إلى قضيتهم. وقد أوثر عن أندري بيلتسكي قوله إن هدف الميليشيا، هو «قيادة الأعراق البيضاء عبر بلدان العالم في حملة صليبية أخيرة ضد العرق السامي».

وكان من أثر دعوته، أن قامت جماعات النازيين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية بتبني الشعارات التي تستخدمها «آزوف»، والمعروفة بأسماء: Wolfsangel و Sonnenrad.

شعار نازي

بل إن تقارير أذاعتها الصحافة اليسارية في ألمانيا، ذهبت إلى التأكيد على أن «آزوف» أصبحت تملك فيلقًا شبه سري، يجذب إليه المتطوعون عناصر نازية غير أوكرانية، من بلدان مثل ألمانيا وفرنسا والبلدان الإسكندنافية، للقتال إلى جانب الميليشيا ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا. وفكرة التطوع تلك، تدعمها بيانات صادرة حديثًا عن وزارة الداخلية الألمانية، تؤكد انضمام متطوعين من النازيين الجدد الألمان إلى رفاقهم في أوكرانيا، للقتال ضد الجيش الروسي.

وفقًا للتقارير نفسها، يدرب هؤلاء جميعًا على استخدام الأسلحة الثقيلة والحديثة، مع حلم مشترك بينهم لاستعادة ما يعرف بـ الرايخسكوميساريا، وهو كيان سياسي خلقته ألمانيا النازية في سنوات الحرب العالمية الثانية داخل أوكرانيا، لحكم الأخيرة نيابة عن الحكومة النازية المركزية في برلين.

ومثل الأيديولوجية النازية القديمة التي أذاعتها ألمانيا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وكانت مسؤولة مع غيرها عن ويلات الحرب العالمية الثانية، فإن النسخة الأوكرانية من النازية، تؤمن بالتفوق البيولوجي للعرق الأبيض، وترفض وجود أصحاب الأعراق الأخرى بين ظهرانيها، بحكم أن أولئك الأخيرين أقل قدرًا.

إضافة إلى ذلك، فإن النازية الأوكرانية تعتبر روسيا عدوها الرئيس، بما أن كييف كانت في السابق جزءًا من الاتحاد السوفيتي. وفي إعادة إنتاج لسياسة ألمانيا النازية تجاه الشيوعية السوفيتية، فإن النازيين الجدد من الأوكرانيين يسعون بالقوة إلى قطع كل صلة سياسية وثقافية وإثنية بين أوكرانيا وروسيا، من خلال قتال العناصر الموالية لروسيا في إقليم دونباس، وطرد الجيش الروسي من شبه جزيرة القرم، وكذلك التطهير العرقي ضد العناصر الروسية القاطنة في المدن والقرى الأوكرانية، وأخيرًا الدعوة إلى حظر تعليم اللغة الروسية في المدارس. وتلك الأخيرة تجد قبولًا لدى الحكومات الأوكرانية في كييف حتى الحظة الحاضرة.

وجود أيديولوجية نازية متطرفة في أوكرانيا حقيقة لايمكن نكرانها:

ومع أن إعلام الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا، يميل منذ الغزو الروسي لأوكرانيا -بل حتى قبل ذلك- إلى اعتبار مسألة النازيين الجدد الأوكرانيين، مجرد بروباغندا من بوتين لشرعنة توسعه  العسكري في شرق أوروبا، واستعادة مناطق التمدد السوفيتي القديم، فإن وجود أيديولوجية نازية متطرفة في أوكرانيا.. لا يمكن اعتباره وهمًا بأي حال..لأن ثمة قرائن لا يمكن الطعن في صحتها بخصوص عصابات أوكرانية نازية تنتشر في البلد الشرق أوروبي منذ العام 2014، وتنفذ بعلم وموافقة حكومة كييف، عمليات متطرفة على أسس قومية عنصرية ضد كل من تعتبرهم من غير المنتمين إلى العرق الأوكراني الأصلي.

من يمول هؤلاء، ومن أين يحصلون على الأسلحة التي يقاتلون بها؟..

رغم كل المحاولات الأمريكية والغرب أوروبية لنفي التهم الروسية بتمويل جماعة «آزوف» النازية الأوكرانية، فإن معلومات مسربة أذاعتها الاستخبارات الروسية خلال السنوات الفائتة، تؤكد العلاقة النفعية بين كتيبة بيلتسكي والعواصم الغربية، رغم التباعد الأيديولوجي الكبير بينهما.

ففي تقرير أصدره موقع ويبونيوز صدر في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2017، تأكيدات على أن المخابرات المركزية الأمريكية CIA، تشرف بصورة مباشرة على «آزوف»، من خلال وسيط هو وزير العدل الأوكراني الأسبق رومان زفاريتش، وهو أوكراني مولود في الولايات المتحدة الأمريكية لأبوين مهاجرين من الاتحاد السوفيتي، لم يعد إلى وطنه الأصلي إلا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وحصول أوكرانيا على استقلالها.

وفي تشرين الثاني /نوفمبر 2017، زار فريق عسكري أمريكي كتيبة «آزوف» في الخطوط الأمامية بإقليم دونباس، للتداول بشأن تعزيز التعاون وتقديم الدعم اللوجستي إليهم. ثم في العام التالي (2018)، أفادت تسريبات جديدة بأن كتيبة «آزوف» استقبلت فريقًا آخر من المستشارين العسكريين الأمريكيين، إضافة إلى أسلحة أمريكية الصنع.

وحتى في أثناء تمرير الكونغرس الأمريكي لتشريعات تسمح بصفقات بيع الأسلحة إلى أوكرانيا، وصل أحدها إلى نحو 500 مليون دولار، كان من الواضح ضبابية الرؤية بخصوص وجود ضامن يحول دون وصول مثل تلك الأسلحة المتطورة إلى أيدي مقاتلي «آزوف».

لماذا يسعى بوتين لاجتثاثهم؟

الخلاصة و بناء على كل ماتقدم ، هل من الممكن الآن التعاطي مع إعلان الرئيس الروسي عن استهداف النازيين الجدد في أوكرانيا، باعتباره مجرد بروباغندا يستخدمها داخل روسيا، أو أمام المجتمع الدولي، لتبرير فكرة الغزو.؟

لا شك أنه بالنسبة لـ بوتين، فإن الأسوأ من إمداد الغرب كييف بالأسلحة الحديثة، هو دعم أيديولوجية خطيرة مثل النازية الجديدة في أوكرانيا، يمكنها إذا استفحل أمرها على الحدود الروسية، أن تخلق مشكلات عويصة بالنسبة للوجود الروسي عامة في شرق أوروبا.

الإعداد: شهناز بيشاني

تابعونا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى