عم يلعبوا الكبار .. عم يلعبوا
طارق عجيب – رئيس التحرير ..
|| Midline-news || – الوسط ..
هذا الاحتقان الشديد لم يبق له إلا أن ينفجر من موضع ما من منطقة الألم ، ومن الواضح أن درجة الوجع وصلت حدوداً عليا أنتجت سابقة في تاريخ مجلس الامن ، أن يطلب من دولة عضو دائم في مجلس الأمن التصويت لصالح قرار ضدها ، وبالمقابل تحالف ثلاثي مشترك بين بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية للضغط لإجهاض مشروع القرار الروسي حول سوريا في ما يشبه إعلان الاصطفاف قبل الحرب .
الأهم من هذا كله بعد مبارزة الــ فيتو هذه ، أن تنتهي الجلسة دون نتائج إيجابية كانت أم سلبية ، دون أن تتضح أي معالم للمقبلات من الايام ، دون أن يُعلن عن الخطوة القادمة للأطراف التي أنهت اليوم جولة متميزة جداً من جولات لعب الكبار .
اللعب هنا لا يشبه اللعب في أي مكان أخر ، هنا لن يكون ” الضرب ضرب أصحاب ” كما يقول المثل ، وكما يجري دائماً في الألعاب الأخرى ، إن بدا الضرب بما يتوافق مع لعبة الكبار ولاعبيها فستكون نتائجه كارثية على الجميع ، وهذا ما يفسر ” اللانتائج ” الليلة .
لهيب المواقف نقلته كاميرات الإعلام ، وعيون المندوبين الدائمين ومواقفهم التي أعادت للأذهان الصورة التي كاد العالم أن يغفل عنها ، صورة الحرب المستمرة بين محورين متصارعين تاريخباً بحروب حامية الوطيس أحياناً وأحياناً أخرى باردة كما في العقود الستة الأخيرة .
الأزمة السورية كشفت كل مستور في خبايا الديبلوماسية والسياسة الناعمة ، وأجبرت من كان يحرك الدمى من خلف أكثر من ستار على الظهور بشكل كامل ليلعب دور البطولة ، لم تنجح شخوصه وأدواته في تحقيق الغاية المطلوبة ، فهب بما يمتلك من فائض قوة للدخول مباشرة إلى أرض المعركة ، وليضع على طاولة مجلس الأمن مشروعه الحقيقي الذي يحمله للمنطقة والعالم .
لم يعد يمتلك بين يديه أوراقاً جديدة ليلعب بها تمكنه من البقاء متستراً بهيئات ومنظمات المجتمع الدولي التي لم تحتفظ حتى بورقة التوت الأخيرة لكي تستر عورتها في انقيادها وانصياعها الكامل لثالوث الاستعمار القديم والحديث ، وشراكتها الكاملة في كل مخططات ومشاريع هذا الثالوث ، بريطانيا وفرنسا وأميركا .
هل هي سنة الكون وترتيب التاريخ أن تستعيد روسيا أمجاد الاتحاد السوفييتي في الوقت المناسب ، بعد أن تهالكت عقب تفككه ووصلت في سنوات معينة إلى حالة من الضعف كادت أن تضيع فيها مكانتها وتاريخها وأمجادها .
في جلسة مجلس الأمن الأخيرة ، تبلورت حقيقة المشروع الذي يُنفذ في المنطقة ، وظهرت بكل فجور وإصرار ، الدول صاحبة هذا المشروع وأعلنت أنها تريد تحقيقه وإن تسبب ذلك في حرب عالمية ثالثة تودي بمن تودي ، بالمقابل ظهرت عظمة صمود سوريا وحلفائها ، الذي أرغم ثالوث الاستعمار على الظهور وإعلان مشروعه .
مبارزة الـ فيتو هذه كانت أولى نتائجها وأهمها أنها سحبت البساط من تحت أقدام من كانوا يتشدقون ويعلنون أن ما يجري في سوريا ودول المنطقة هو ” ثورة شعب ” ضد حكام ظالمين ، وللحصول على مطالب محقة ، للأسف هم كانوا الأدوات لتخريب وتدمير بلدانهم ، ومطايا لثالوث الاستعمار ، والأسف الأكبر أنهم لن يرتدعوا ، بل ستأخذهم العزة بالإثم ، وسيهربون إلى الأمام ليثبتوا أنهم على حق ، وليعودوا ليرتكبوا نفس الخطيئة الأولى ” الجهل بحقيقة الأمور وجوهر ما يجري ” ، هذا من كان مخطئاً ، وهناك من باع وطنه ، وأهله ، ودينه ، وتاريخه ، وكرامته ، وعرضه ، بمكيال من الدولارات .