رئيس التحرير

الحل السياسي على أعتاب حلب

طارق عجيب – رئيس التحرير ..|| ..

====================================

تتشابك خطوط التحرك الميداني مع الدبلوماسي على الساحة الحلبية بشكل يزيد من تعقيد المشهد ، ويضع علامات استفهام كبرى حول ما ستسفر عته التجاذبات العسكرية على الأرض والسياسية في العواصم الكبرى المعنية بالشان السوري .  

مسلسل الهُدن الذي فاجأ السوريين في بعض حلقاته يشي في يومياته الأخيرة بأن هذا الهدوء المشبوه لا بد أنه يسبق ضجيجاً ما ، يُرجِّحُ الكثيرون أنها طبولُ حربٍ ومعاركُ شرسة ، تُفجر هذا الاحتقان الكبير الذي ضاق ذرعاً بما يحتوي من إفرازات سامة لا بد من التخلص منها ، أخرون ، وهم قلة ، يُرجحون أن يتمخض هذا الجَيَشان عن مُنتجٍ سياسي ما ، يُبعد شبح الحرب التي قد تتطور لتخرج عن مشهدها الحلبي لتشمل جغرافيات أوسع وأطرافاً أكثر ، وقد تتطور نحو حرب عالمية ثالثة وإن بشكل مصغَّرٍ ومحدود .  

في الميدان يتابع الجيش السوري مهامه بثقة وإحكام كبيرين ، وتتسارع انجازاته على كل الجبهات بشكل يجعل من المشهد أكثر وضوحاً باتجاه الحسم العسكري في حلب ، ويُعزَّزُ هذا الوضوح بحشود عسكرية وتجهيزات تلائم النية بانتزاع نصر حاسم بشراكة مع القوى الحليفة التي أعلنت جهوزيتها الكاملة .

يبقى الجناح السياسي لهذه المعركة ، روسيا التي من الواضح أنها اكتسبت مهارة في التعاطي السياسي مع أميركا والغرب جعلتها في صدارة الأطراف المؤثرة والفاعلة في ظل ضعف وتراجع الموقف الأميركي لاعتبارات كثيرة منها وجهة نظر الإدارة الأميركية الجديدة في الأزمة السورية وفهمها لألية وأولويات التعامل معها .
المواقف الأوروبية تترنح نتيجة الصدمة التي تلقوها من نتائج الانتخابات الأميركية ، أما مواقف دول الخليج فلا قيمة لها حين يتكلم الأميركي ، الموقف التركي يوغل في لوثة السلطنة والعظمة ، وفي عدوانه على الأراضي السورية ، إلا أن تداعيات الحدث الأميركي لا بد أن تترك اثارها على حلفاء المشروع الاميركي ما قبل ترامب ، حيث سيختلف إلى حد كبير هذا المشروع مع ترامب ، وبالتالي ستختلف التحالفات ، أو على الأقل متانتها ووتيرتها وشروطها ، هذا بالتأكيد سيصب في جوانب كثيرة في مصلحة سورية وحلفائها ، وسيصب بالتأكيد في صالح حرب حقيقية على الإرهاب ، ما سيكشف ويعري الدول التي كان لها الدور الأكبر في تنشئة ورعاية وحماية ودعم التنظيمات الإرهابية لاستثمارها في التدخل والعبث بالشؤون الداخلية للدول التي يُراد تبديل أنظمتها الرافضة للمشاريع والإملاءات الخارجية بأنظمةٍ خاضعةٍ ومسلمة للمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة ، والذي جاهر به أصحابه مؤخراً دون مواربة .

حلب كانت عقدة النجار لكل الأطراف التي استهدفت سورية ، وكان التعويل كاملاُ على تحقيق انتصار فيها للتنظيمات الإرهابية وداعميها ، ما يفرض بالتالي معادلات جديدة محصلاتها تصب في صالح المشروع الاميركي ، لكن ما قدمه الجيش السوري وحلفائه من بطولات وتضحيات وما حققه من إنجازات على تلك الجبهة ، اسقط كل الرهانات على تحقيق أي نصر للإرهابيين ، بل على العكس ، تم محاصرتهم وقطع طرق الإمداد عنهم ، ويُطهر الجيش السوري حلب وريفها من رجسهم بخطة ممنهجة ومدروسة .

معركة حلب تنضج على حرارة الإيمان بالنصر ، وعلى حرارة حب حلب وسورية كلها ، وما يُحضَّر لحلب من حشود وخطط وتجهيزات وإمكانات لا بد أنه سيسرع في حسم المعركة على الأرض ، والقضاء على بؤر الإرهاب المدعوم من الخارج فيها ، للإفساح في المجال للمصالحات التي أثبتت نجاعتها في الكثير من المناطق المستعصية وغيرها ، وليتمكن بعدها السوريون من البدء بحوار سوري سوري بعيداً عن سطوة الإرهاب وتأثير داعميه على أي حوار سلمي فيه مصلحة سورية وشعبها ، لتكون حلب بذلك بوابة الحل للأزمة السورية .   

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى