السوريون على أرجوحة الثقة بالحكومة والحلفاء .. طارق عجيب ..
|| Midline-news || الوسط ..
فرضت الجغرافيا ، تاريخياُ ، أن تكون الأرض السورية قطبة الصراعات الإقليمية والعالمية ، وتبلورت في الأزمة السورية الحالية ، بشكل فظ ودموي ، حقيقةَ أن الصراع تجاوز كل أشكال الصراع الداخلي ، وحتى الإقليمي ، ليعود ويستقر على أثافي صراع الأقطاب العالمية الكبرى التي ألقت بأوراقها وأدواتها بالتتالي في الميدان السوري ، إلى أن اضطرت إلى الحضور بشكل مباشر على ساحة الصراع .
وبما أن الحرب استهدفت الدولة السورية وعمقها الإقليمي والدولي ، كان من الطبيعي أن تتداعى الدول التي تمثل هذا العمق ، لتتحالف مع الدولة السورية للوقوف في وجه هذا الاستهداف ومنعه من تحقيق غاياته ، فكان الحضور الإيراني ، ومن ثم الروسي ، بثقلهما العسكري والسياسي والاقتصادي ، من العوامل التي أسهمت في صمود الدولة السورية ، وإعادة المعادلة الدولية ثنائية القطبية ، بل قد تؤسس لمعادلة جديدة تثبت أكثر من قطبين عالميين .
ومنذ بداية الأزمة السورية كان الشعب السوري على قناعة بأن المعركة التي فرضت عليه هي معركة وجود ، لكنها إتخذت أشكالاً مختلفة وكثيرة ، لكن رغم كل ذلك كان قراره المواجهة والصمود ، فقدم الغالي والنفيس ، وبقي يعض على جراحه رافضاً الخضوع والانهزام أمام أعدائه من الخارج والداخل .
ورغم أن لغة المصالح هي اللغة الوحيدة في الاتفاقيات والصفقات السياسة ، إلا أن تاريخ العلاقات والاتفاقيات الاستراتيجية الثنائية بين سوريا وكل من حليفيها الرئيسين روسيا وإيران ، وبعد الأخذ بعين الاعتبار ما قدمته سوريا وشعبها على كل الصعد والمجالات ، باعتبارها خط الدفاع الأول عن حلفائها ، اعتقدَ المواطن السوري أن ذلك سيؤخر لغة المصالح الفردية لتتقدم لغة المصالح المشتركة بين الحلفاء ، ليكتشف حين مرَّ أكثر من استحقاق سوري على طاولة السياسة الدولية ، دون أن ينال ما كان يجب أن يناله ، رغم وجود أحد هذين الحليفين او كلاهما معاً ، وبعد تعرض المواطن السوري لأكثر من أزمة داخلية قاسية وشديدة ، كان الحلفاء يمتلكون إمكانية تلافي حدوثها أو التخفيف منها ، بعد ذلك أصبحت ثقة السوريين تتارجح بين ما لمسه من تعاضد الحلفاء في ميادين العسكر والسياسة وبعض الميادين الأخرى ، وما يستشعره من تهاون في بعضها الأخر .
يقول المثل الشعبي ” جرح القرابة ” أصعب وأكثر مضاءً في النفس من جرح الغريب ، لذلك يُسجِّلُ السوريون على حكومتهم أولاً علامات استفهام بخط أحمرٍ وعريض ، حول سياساتها المتعلقة بالشؤون الداخلية والحياتية المتعلقة بيوميات المواطن ومعيشته ، رغم ما تسربه الحكومة من معلومات تقول بالتضييق الاقتصادي الهائل ، والعقوبات الشديدة التي تتخذها اميركا وتستخدم كل الوسائل لتطبيقها ، لتمنع أي انفراج على الدولة السورية وعلى حلفائها .
ثانياً ، يرفع بعض السوريين الصوت باتجاه الحلفاء ، بشكلٍ قد يكون جارحاً أحياناً ، لأنه يخرج من حنجرة خرَّشتها زفرات القهر حين شعر المواطن السوري بالذل والمهانة من مواقف الحلفاء لأكثر من سبب ، منها مبررات التساهل مع الإسرائيلي في اعتداءاته المتتالية على سوريا ، ومنها مبررات عدم توافر سلع ومنتجات أساسية يحتاجها المواطن في أساسيات حياته ، في حين كان من المفترض أن يكون توافرها حتمي وطبيعي في ظل حلفاء يصنفون من عمالقة النفط والغاز والصناعة .
إشارات الاستفهام الكبيرة ، والصوت العالي ، رفعهما السوريون بعد ان تلمسوا أن ما قدموه من تضحيات غزيرة وأثمان باهظة ، لم يكن لهما الأثر المطلوب الذي قُدمتا لأجله ، بل ينتابهم شعورٌ طاغٍ بانه قد يكون هنالك من يتاجر ويستثمر بهذه التضحيات على طاولات الحوار و الصفقات ، ومن يجني منها أكداساً من المال والمكاسب الخاصة في الداخل ، والأنكى ان يكون هنالك من يوجه تهم العمالة والخيانة لأصحاب الدم الذين يطالبون بفهم أسباب ما يجري ، وأسباب انحراف المسارات باتجاهاتٍ تصب في صالح الفساد والفاسدين ، وتخدم اللاعبين المؤثرين على الطاولة الأممية ..