رأي

اليمين الأمريكي: نحن هنا .. بشار جرار – واشنطن

أخيراً، نحو الواحدة فجراً وبعد خمس عشرة جولة تصويت منح الحزب الجمهوري، أو بصيغة أدق، اليمين المحافظ مطرقة رئاسة مجلس النواب الثامن عشر بعد المئة لكيفين مكارثي.

بدأ التغيير المستعصي في الجولات الأربعة الأخيرة عندما تمكن مكارثي من تقليص المعارضة الداخلية في الحزب من واحد وعشرين صوتا إلى صفر. وفي ظل تغير لوغرتمات الحضور مع أولئك الذي صوتوا وجوداً دون منح الثقة لأي من مكارثي أو منافسه عن الحزب الديموقراطي حكيم جيفريس، تأرجح الرقم السحري المطلوب بين 218 و215 بحسب عدد الذين قاموا بالتصويت لأي مرشح أو مجرد الحضور، وكان عددهم ستة (جميعهم كانوا ضد مكارثي) في الجولة الخامسة عشرة والأخيرة..

لم يكن سراً حجم المساومات التي تمت لتقليص الفارق خاصة في الجولة الحاسمة قبل الأخيرة. لكن الأهم هو ذلك الاتفاق الذي أعاد الأمور إلى نصابها التاريخي حيث يكفي قيام نائب واحد بعزل رئيس مجلس النواب – ثالث شخصية لقيادة البلاد بعد الرئيس ونائب الرئيس الأمريكي.

العبرة فيما تحقق هو شطب ما قامت به نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب السابقة التي رفعت العدد من واحد إلى خمسة نواب. وبذلك فإن مكارثي رغم حصوله على ثقة 216 جمهوري إلا أنه سيبقى تحت رحمة يمين الحزب الجمهوري في حال عدم البر بوعوده وأهمها منح مناصب قيادية في لجان المجلس لأعضاء في مجمع الحرية. مؤسس هذا المجمع هو النائب القوي جيم جوردان الذي رفض ترشيح زملائه له وآثر التفرغ لأهم اللجان في المرحلة الراهنة وهي اللجنة القضائية التي ستتولى عملياً قيادة خمس تحقيقات ضد إدارة الرئيس جو بايدن. في مقدمة تلك التحقيقات ما يتعلق بمعاملات هنتر بايدن الخارجية خاصة في أوكرانيا والصين، إبان خدمة والده كنائب للرئيس أيام ولايتي الرئيس الأسبق باراك حسين أوباما.

وعلى ذكر أوكرانيا، فإن القشة التي قسمت ظهر البعير كانت ملحق الموازنة الذي مررته بيلوسي قبل نهاية العام الماضي. لم تعد مجرد شيكات على بياض التي تعهد مكارثي بعدم صرفها، وإنما تمكن اليمين الآن، من الحصول على وعد بمراجعة كل مشروع قانون وخاصة فيما يتعلق بالإنفاق كلاً على حدة، منهياً زمن التصويت في المجمل كقوة انتخابية حزبية بحيث تعود المسؤولية فردية لكل نائب، ودون استغلال عامل الوقت الذي كانت فيه بيلوسي تقدم مشروع قانون من أربعة آلاف صفحة داعية المجلس إلى التصويت في اليوم نفسه!.

ما جرى شيء كبير للغاية وتاريخي، ولا أظنه محصوراً في الحزب الجمهوري أو مجلس النواب. فمن بين الأمور التي رضخ مكارثي فيها لليمين “الثائر” هو التصويت على أقصى مدة للخدمة بحيث لا تبقى مفتوحة وربما تحاكي ما هو قائم بالنسبة للخدمة الرئاسية (ولايتين فقط) فبعض أعضاء الكونغرس لم يتجاوز فقط الثمانين من العمر وإنما تجاوزت خدمتهم الأربعة عقود.

مجالس نيابية كثيرة في العالم تابعت ما جرى تحت قبة الكونغرس على مدى أربعة أيام، وقطعاً سنرى في المقبل من الأيام اليمين في أكثر من ساحة عالمية يقول: نحن هنا ..

 

إقرأ أيضاَ .. رسالة “ميلادية” إلى العم سام والخال شام

إقرأ أيضاً .. “تنذكر وما تنعاد”! ..

 

*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..

 

عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter
صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى