حلب .. ميزان النظام العالمي الجديد .. وباب الفرج السوريين
طارق عجيب – رئيس التحرير ..
=====================================
في البدء كانت حلب .. ولم تغب على مدى سبعة ألاف عام ، طوت خلالها ما وصل إلينا ، وما لم يصل من حملات بربرية همجية حاولت أن تطمس معالمها ، وتكسر عزيمة وجبروت أبنائها .
واليوم ، ها هي حلب ترد ، كعادتها ، هجمةً حاولت أن تثبت راياتها السود على جدران قلعتها ، فكان لها النصر الذي احترفته بسواعد أبنائها وتضحياتهم ، قدموا أرواحهم ودماءهم وكل غالٍ ونفيس في سبيلها ، رجالٌ قَدِموا من أنحاء بلاد الشام كلها ، لحماية دُرَّتَهم حلب ، فكان النصر معقوداً على راياتهم .
راهن الأميركي والغربي وأتباعهما في المنطقة على احتلال حلب ، وفصلها عن تاريخها وحاضرها وجغرافيتها ، لتكون منطلقاً لتنفيذ مشروعهم في المنطقة ككل ، ورمَوا بكل أوراقهم المتوفرة على مدى السنين الماضية لتحقيق ذلك ، لكنهم أخطأوا حين اعتقدوا أن أهل حلب سيتركون ضباع الأرض ومرتزقتها ، ينهشون جسد مدينتهم ، ويستبيحون حاراتها وقلعتها ، أهلُ حلب الذين اثبتوا للعالم أجمع أنهم يستحقون مدينتهم كما تستحقهم .
الجيش العربي السوري مع شركائه على الأرض في محور المقاومة وحلفائه ، استطاع أن ينتصر على كل تلك التنظيمات الإرهابية المدعومة بالمال والسلاح من أقوى دول العالم ومن أغناها ، استطاع بإيمانه وثقته وصبره أن يدحر أعتى قوى الظلام والتكفير والإرهاب مع داعميها ومشغليها ، لأن الجيش السوري وشركائه وحلفائه مع الحق ، والحق هو المنتصر في النهاية .
بعد هذا الانتصار ، وبعد أن أُسقط في يد اللاعبين الكبار الذين كانوا يجهدون لكسر حلب ، ومن ثم كسر سوريا ومن خلفها محور المقاومة وحلفائه ، ستكون حلب علامةً فارقة ، وبيضة القبان التي ستعيد للنظام العالمي توازنه ، وتحيل النظام العالمي إلى نظام متعدد الأقطاب ، بدلاً من عالم ذو قطب واحد يهيمن على العالم بفكره المبني على الديكتاتورية العسكرية والاقتصادية والرأسمالية .
وكما كانت حلب على الدوام مصدراً للخير العميم على البلاد ، ستكون من حلب علائم الانفراج والفرج الكبير على سوريا جميعها ، وحتماً ستصل تداعيات هذا النصر إلى المنطقة بكل البؤر المتوترة فيها .