م . رفاه رومية – مزارع الرياح البحرية .. تواصل التطور بخطى ثابتة ..
|| Midline-news || – الوسط ..
فرض النمو السكاني السريع إيجاد الحلول السريعة و العملية لتغطية التزايد الهائل في الطلب على الطاقة المرافق ، فكما نعرف إن أي عمل بسيط نقوم به في حياتنا اليومية يحتاج إلى طاقة بأشكالها المختلفة التي بات تأمينها و الاستحواذ على مصادرها الشغل الشاغل لدول العالم كافة ، لكن حقيقة أن الوقود الاحفوري و الفحم الحجري في طريقهما للنضوب باتت أمرا واقعا دفع القوى الكبرى للبحث عن مصادر أكثر استدامة و تجدد خاصة في العقود القليلة الماضية ، فلو ألقينا نظرة سريعة إلى مدى نمو و ازدهار أسواق الطاقة المتجددة لأدركنا بأن هذه الصناعة الخضراء التي لاقت العديد من الانتقادات في بداياتها قد حققت استثمارات هائلة و ذات تطلعات واعدة لتكون المصدر الرئيسي و الداعم القوي لتغطية الطلب المتنامي على الطاقة .
لقد ظهرت العديد من المصادر المتجددة على الساحة الحالية و بإمكانيات رائعة و منها مزارع الرياح البحرية التي تنبأ لها الكثير من المحللين بصعوبة صمودها و منافستها لمزارع الرياح البرية بسبب ارتفاع تكاليف إنشائها لكن شهدت هذه التوربينات البحرية في السنوات القليلة الماضية تطورا جيدا استطاعت من خلاله أن تلفت إليها الأنظار لمزيد من الدعم و الاستثمار .
إن مزارع الرياح البحرية كغيرها من مصادر الطاقة المتجددة لها دور كبير في الحد من حجم الانبعاثات الكربونية فهي تعتمد على قوة الرياح البحرية لإعطاء الحركة الأولية لعمل مولدات الكهرباء و قد كان التوجه إلى المسطحات المائية لنصب التوربينات نظرا لسرعة الرياح القوية في المحيطات و البحار و هذا ما يوفر قدرات إنتاجية أكبر بالإضافة لبعدها عن المناطق السكنية لما تسببه المزارع البرية من تلوث بصري و ضجيج مزعج ناجم عن دوران العنفات ، لكن تحتاج هذه الصناعة إلى تكاليف إنشائية هائلة نظرا لصعوبة و ضخامة بنيتها التحتية و هذا ما جعل العديد من المستثمرين و المهتمين في البداية يتخوفون من كفاءتها الاقتصادية و جعل أسواقها في ركود لفترات طويلة .
لقد توجهت العديد من الحكومات في الآونة الأخيرة نحو تقديم الدعم لهذه الصناعة سواء دعم سياسي أو اقتصادي و بحثي لتطوير التكنولوجيا المتعلقة بها مما ساهم في خفض التكلفة الإنتاجية و ساهم في انتعاش أسواقها ، ففي عام 2016 تم إضافة 2219 ميغاواط من القدرة المنتجة لتبلغ القدرة الإجمالية في نهاية العام إلى 14384 ميغاواط بحيث 88 % منها كانت على سواحل عشر دول أوروبيه و 12 % تتوزع بشكل كبير في الصين تليها اليابان و كوريا الجنوبية و أمريكا .
يبين المخطط التالي نسبة مساهمة الدول الأوروبية العشرة من النسبة السابقة ( 88% ) في القدرة المنتجة بالإضافة لدول أخرى مثل فنلندا و اسبانيا و النرويج لكن بنسب قليلة .
حسب التقرير الصادر عن المجلس العالمي لطاقة الرياح global wind energy council ( GWEC ) ، بقيت بريطانيا تحتل المرتبة الأولى بقدرة تجاوزت الـ 5.1 غيغاواط حيث تم زيادة 56 ميغاواط و هذا كنتيجة للدعم الحكومي الكبير و التزامها بتخفيض نسبة الانبعاث الكربوني فكما هو معروف تعاني بالتحديد لندن من التلوث الخانق بالضباب الدخاني وهذا دفع البلاد لإعطاء اهتمام اكبر بالطاقات النظيفة ، أما ألمانيا فقد عمدت إلى إضافة 818 ميغاواط في عام 2016 لتصل القدرة بالكامل إلى حوالي 4 غيغاواط .
يبين الشكل التالي القدرات الإنتاجية التراكمية للرياح البحرية ( offshore wind ) من عام 2011 إلى 2016 بالإضافة لإنتاجية عدة دول عالمية .
يتوقع الكثير من المختصين في قطاع الطاقة الخضراء بزيادة السعات المركبة من هذه المزارع إذا ما استمر هذا الاهتمام الدولي بالنهوض بأسواقها ، فحسب التقرير الصادر عن المختبر الوطني للطاقة المتجددة national renewable energy laboratory ) NREL ) هنالك توقع بزيادة القدرة إلى 20 غيغاواط بحلول 2030 و 80 غيغاواط بحلول عام 2050 .
يبين الشكل التالي مقدار مساهمة كل من الرياح البرية و البحرية في السنوات الماضية و القادمة .
ما تزال الدول الأوروبية تهيمن على استثمار طاقة الرياح البحرية مع بداية صعود للسوق الآسيوي بالرغم من ارتفاع التكاليف و هنالك استعداد لنشوء هذه الصناعة في الولايات المتحدة و دخولها مرحلة التطور فكل ما تحتاجه هذه المزارع الدعم المالي و السياسي للحفاظ على مستويات مستقرة في الاستثمار و تطوير تكنولوجيا الحصول عليها و ذلك لخفض تكاليفها و التي تشكل إلى الآن العائق الأكبر لاستثمارها .