إعلام - نيوميديا

ناشونال إنترست: الانهيار في أفغانستان “صيحة استيقاظ قوية” لكوريا الجنوبية

بعد عقدين من الزمان انتهت الحرب في أفغانستان بانتصار طالبان، وبدأ كثير من المحللين الأمريكيين الآن تسجيل تعليقاتهم بشأن الخطأ الذي أصاب استراتيجية الجيش الأمريكي في أفغانستان، ولكن عددا أقل كثيرا من المحللين يقوم بتقييم ماذا تعني نهاية الحرب في أفغانستان بالنسبة لدولة مثل كوريا الجنوبية.

وفي تحليل نشرته مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية.. يتساءل الباحث الكوري الجنوبي يونج أيون لي، طالب الدكتوراه وعضو هيئة تدريس المساعد بكلية الجامعة الأمريكية للخدمة الدولية، عن السبب وراء قرار انسحاب أمريكا من أفغانستان..

ويقول إن الإجابة البسيطة قد تكون: “لم تعد أمريكا ترى حاجة إلى مزيد من البقاء في أفغانستان”، أو بشكل أكثر صراحة، فقدت أفغانستان في مرحلة ما، أهميتها كشريك لأمريكا، مما دفع إدارات أمريكية متنوعة إلى نتيجة مفادها أن تداعيات الانسحاب على مصالح السياسة الخارجية لأمريكا ستكون محدودة، حتى مع سقوط الحكومة الأفغانية.

وعلى مدار الأعوام السبعة الماضية، كانت كوريا الجنوبية حليفا عسكريا لأمريكا. ولكن كيف امتد هذا التحالف لفترة طويلة؟ هل بسبب ذكرى الدماء والتضحيات التي قدمها الجنود الأمريكيون خلال الحرب الكورية؟ أم الالتزام القانوني بموجب معاهدة الدفاع بين أمريكا وجمهورية كوريا؟ ويقول لي إن هذين عاملان مهمان بالتأكيد، ولكن التحالف استمر لفترة طويلة في جزء كبير منه لأن معظم صناع السياسة في أمريكا رأوا قيمة استراتيجية في الحفاظ على كوريا الجنوبية كحليف.

وبالنسبة لحكومة كوريا الجنوبية، كانت أهمية التحالف مع الولايات المتحدة واضحة منذ بدايته. ورغم ذلك، واجهت الحكومة الكورية مهمة إثبات قيمة التحالف بالنسبة لأمريكا. وعلى مدار عشرين عاما، تمكنت البلاد من إنجاز مهمتها، ومن هنا استمر التحالف حتى اليوم، بحسب ما خلص إليه لي.

ورغم ذلك، تظل المعضلة أمام كوريا الجنوبية فيما يتعلق بالدرس المستفاد من الحرب في أفغانستان، هو أن السياسة الخارجية لأمريكا تمر بدورات من التدخل والانسحاب.

وعلى مدار عقدين، دافعت السياسة الخارجية الأمريكية عن التدخل في أفغانستان، وشجعت حلفاء واشنطن على المشاركة. ولعبت كوريا الجنوبية دورا محدودا في عمليات حفظ السلام بأفغانستان.

ورأى الباحث لي، أنه ليس من المرجح أن يؤثر الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بشكل جدي على كوريا الجنوبية، بسبب موقعها بعيدا عن المنطقة، ورغم ذلك، يتعين أن تنشغل سول حاليا بمستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين.

وتعكف الإدارة الأمريكية حاليا على تحركات تتعلق بسياسة خارجية حازمة من أجل تقييد أي سلوكيات منحرفة للصين الصاعدة.

كما تشجع الولايات المتحدة حلفاءها على المشاركة، عبر إطار “الحوار الأمني الرباعي”، على سبيل المثال. ولكن إلى متى ستقف أمريكا في مواجهة مع الصين؟ وهل ستشعر الإدارات الأمريكية في المستقبل بما يسمى “إجهاد الهيمنة”، ثم تجري مفاوضات مع الصين من أجل الانسحاب من منطقة آسيا-المحيط الهادئ، أو، على الأقل، تقسيم نطاق نفوذ الصين في المنطقة؟

وقد تسعى أمريكا إلى الانسحاب تكتيكيا من المنافسة مع الصين، ولكن أين كوريا الجنوبية، الجارة الجغرافية للصين، من كل هذا؟ وما هو الثمن الذي يتعين عليها أن تدفعه لتُعد ضمن المشاركين النشطين في استراتيجية “احتواء الصين”، إذا ما قام صانع هذه المحاولة بتعليقها في المستقبل؟

ويدور حاليا في كوريا الجنوبية نقاش بشأن السياسة الخارجية للبلاد بين صناع السياسة (وخبراء السياسة) الذين يؤيدون وجود سياسة خارجية للبلاد حازمة تجاه الصين، ومنحازة لأمريكا، وبين من يؤيدون الغموض الاستراتيجي، أو التحوط فيما بين الصين وأمريكا.

وبحسب لي، المتخصص في أبحاث السياسة الخارجية لأمريكا وكوريا الجنوبية، والأمن في شرق آسيا، يوجد ما يبرر الجانب الذي يؤيد تعزيز التحالف والتعاون بين كوريا الجنوبية وأمريكا، ولكن من المهم بقوة لصناع السياسة في البلاد التأكد من وفاء أمريكا بالتزاماتها في المنطقة على المدى الطويل.

والسؤال المطروح في هذا الصدد هو: ما مدى قوة التزام واشنطن في مواجهة التوسع الإقليمي للصين؟

وفي حين يحذر محللون من أن كوريا الجنوبية تخاطر بالتخلف عن سياق السياسة الخارجية لأمريكا، ربما يشكل الدرس المستفاد من انتهاء حرب أفغانستان تحذيرا للبلاد كي تتجنب استباق السياسة الخارجية لواشنطن في مجالات الصراع الجيوسياسي، قبل أن يأتي أوان ذلك.

وفي الآونة الأخيرة، لاحظ الدكتور هيونجكيو كيم من معهد السياسة الأمريكية الصينية بجامعة آجو في كوريا الجنوبية، أن الفكرة الخاطئة السائدة في البلاد، تتمثل في افتراض ثبات السياسة الخارجية لواشنطن. وفي الحقيقة، لطالما تناوبت السياسة الخارجية لأمريكا بين النهجين، السلبي والإيجابي، ولا تزال.

ويقول الدكتور كيم إن “السياسة الخارجية الأمريكية قد تصبح في المستقبل أكثر تصادمية مع الصين، أو على النقيض، قد تصبح أكثر استيعابا أو موائمة للمنافس الاستراتيجي لها”.

وفي الختام، يخلص الباحث لي إلى أن التحدي الذي يواجه كوريا الجنوبية مستقبلا، هو حسن الاستجابة إلى حالات “المد والجزر” فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لحليفها الرئيسي، وأيضا التناوب بشكل مرن بين الدبلوماسية النشطة، والسلبية تجاه الصين.

المصدر : (د ب أ)

 

http://تابعونا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك