العناوين الرئيسيةحرف و لون
في رثاء شوقي بغدادي … القس جوزيف إيليا
فأنا بعدُ أنا
—
—
إلى شاعرنا السّوريّ الكبير شوقي بغدادي وقد ازداد حياةً بعد مماته في ٢٩ كانون الثّاني ٢٠٢٣
—
صوتٌ منهُ بعدَ تغيّبِهِ
راحَ ينادي :
– لا تُصغوا للموجِ يقولُ :
كسرتُ سفينتَهُ الحبلى بأجنّةِ صحوتِهِ
وقضمتُ بأسنانيْ الحادّةِ
ما فيها مِنْ زادِ
فأنا
ما زلتُ كما كنتُ
أعاقرُ خمرةَ قافيتي
وأرتّبُ فوضى أوراقي
وأعيدُ صياغةَ أسئلتي
منتظِرًا عنها أجوبةً
تطردُ عنّي غيماتِ غموضٍ
تمطرُني بغيوثِ ضلالٍ وسوادِ
وأصبُّ لنفسيْ الشّايَ
وأشربُها ساخنةً
وأشاهدُ ما يعرِضُه التِّلفازُ
وأقرأُ أسفارَ القدماءِ
وشيئًا مِنْ شِعرِ جريرٍ
وأصلّي الفجرَ
مع النّاسينَ تواريخَ نوائِبهم
وأعودُ
لأسمعَ رنّةَ أعوادِ
وأداعبَ فروةَ قطّي
وأغازلَ مَنْ أهوى بسمتَها
وأهاتفَ من غابَ بعيدًا
أسألُهُ :
كيف تنامُ هناكَ
وماذا تأكلُ
أينَ تسيرُ
متى سوف تعودُ إلى خيرِ بلادِ؟
وأعلِّقُ رسْمَ الشّهداءِ على جدرانٍ من ذهبٍ
وأبخِّرُ مدفنَهم
ومع الباكينَ أنوحُ
وأضحكُ إنْ ضحكوا
وأقبِّلُ أوجهَ أحفادي
ما زلتُ من الشُّرفةِ
أنظرُ نحو الأطيارِ
تحلِّقُ في الأجواءِ
وأسمعُ ضجّةَ سيّاراتٍ مسرعةٍ
وشتائمَ مَنْ هربتْ منهم دنياهم
وأبتْ أنْ تعطيَهم ما شاءوا
ما زلتُ أصفِّقُ
إنْ أطربَني لحنٌ عذبُ الإيقاعِ
ولمْ أضعفْ بعدُ
ولا شاخت ذاكرتي
والأنجمُ ما زالت بسمائي
ترقصُ رقصتَها الأحلى
والحنطةُ فوق سهولي
ما زالت خضراءَ
ولمْ تسقطْ عند الجريِ جيادي
لا تُصغوا للطّوفانِ يقولُ :
هدمتُ معاقلَهُ
وأزلتُ سياجَ حدائقِه
ومحوتُ سطورَ مآثرِهِ
مِنْ كتبِ الأمجادِ
فأنا بعدُ أنا
واسمي هذا
سوف تردِّدُهُ كلُّ شعوبِ الأرضِ
نشيدًا لا تضجرُ منهُ أبدًا
قمْ
يا من تسمعُني
هيّا سجّلْهُ عندكَ
وارسمْهُ بالألوانِ جميلًا :
“شوقي بغدادي”
—
/30/1/2023/
/30/1/2023/