“تنذكر وما تنعاد”! .. بشار جرار – واشنطن

كان من الممكن أن تكون 2022 أكثر سوءاً، لكنها مرت كسابقاتها -بحلوها ومرّها- وبزوال إحدى الكوارث المرحّلة منذ 2019، فايروس كورونا التاسع عشر!
ومن محاسن العام الفائت أنه انتهى دون اندلاع حرب عالمية ثالثة، ودون قنبلة نووية تكتيكية، ودون قنبلة نووية قذرة! وتكاد تحبس الأنفاس مع العد العكسي لسقوط تفاحة “تايم سكوير” في نيويورك إيذانا بحلول 2023، بأن العام قد انتهى دون معركة غزو وضم، أو تحرير تايوان وإعادتها “عنوة” إلى حضن الصين الأم.
تلك إنجازات جديرة بالاحتفال قياساً بالدمار الذي كان من الممكن أن يحل بالجميع فيما لو وقعت كارثة واحدة منها.
لكن السيناريو المرعب مازال قائماً، فمن يضمن عدم ترحيل تلك الكوارث أو اندلاعها في العام الجديد. شطح خيال البعض بالقول إن الشرق الأوسط -الذي لا يعجب البعض- قد يصير الملاذ الآمن للعالم الأول والثاني، إن أصر على الانتحار بعد كل هذه الصولات والجولات من التدمير الذاتي: روحياً وأخلاقياً، ومن ثم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً..
صحيح أن الشرق الأوسط زاخرٌ بالصواعق والألغام، لكن ثمة مخزون روحي أخلاقي ما زال يغلّب عوامل التُقى والرحمة والخير على أي بواعث شر، داخلية كانت أم خارجية. ما زال كما يقال فيه الكثير من الخير والبركة رغم كل هذه المعاناة التي جعلت من مشرقنا المكلوم مهد الديانات والحضارات، أكثر من يئن تحت نير الحروب والإرهاب والقمع والفساد.
في اللهجات الشامية -قلب هذا المشرق العظيم- يعايد البعض بعبارة “ينعاد عليكم”، لكن في سنة كتلك السنوات الثقيلة نريد القول “تنذكر ما تنعاد”!.
وكأن الحل لما نحن فيه ماثل للعيان: حتى لا تأتينا سنة كسنة 2019 أو 2011 مثلاً، علينا ألا “نعيد” الأخطاء ذاتها. العاقل من اتعظ بأخطائه فصححها، أما الحكيم فهو من يتعظ بأخطاء الآخرين فيتفاداها.
ربنا يهدينا جميعاً سواء السبيل، فنكفّ عن اجترار أخطائنا في تكرارٍ كثيراً ما شهد طفرات لا تحمد عقباها. تلك “العشرية السوداء” في الجزائر التي عانت من الإرهاب قبل عقود وأحسنت التحصّن من الوقوع في براثنه بعدما عصف بجيرانها “الربيع العربي” المشؤوم. من المؤسف، أن يجرّب البعض “تجرير المجرب”، فتكرر سيناريوهات الفوضى الدامية التي ما كانت يوماً خلاّقة..
خلاصنا يبدأ بالكف عن تكرار الأخطاء وقد بلغ بعضها حد الخطايا ..
يا رب ارحم ..
إقرأ أيضاَ .. رسالة “ميلادية” إلى العم سام والخال شام
إقرأ أيضاً .. مبسوووط .. سوريّاً لا عراقياً!
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..