المباني الخضراء : مستقبل واعد في الحفاظ على البيئة و الطاقة

م.رفاه روميه

|| Midline-news || – الوسط  ..

تعتبر المباني الخضراء من أهم الابتكارات الحديثة في عالم الاستدامة فهي لم تأتي كنوع من الرفاهية وإنما كرد فعل على مشاكل ظهرت مع دوران عجلة التطور في حياة الإنسان و منها أن مصادر الطاقة التقليدية باتت محدودة و ارتفاع تكاليف المعيشة أصبح يرهق كاهل المواطن من فواتير كهرباء و مياه و مستلزمات أخرى بالإضافة إلى انبعاث الغازات الضارة الناتجة من استهلاك الوقود و مالها أثر ضار على البيئة و على صحة الإنسان لذلك تعاون المهندسون مع علماء البيئة لإنشاء منازل متكاملة توفر الحاجات الأساسية للإنسان بشكل ذاتي و تكون في نفس الوقت صديقة للبيئة أطلق عليها المباني الخضراء .
ما هي المباني الخضراء؟
المباني الخضراء مفهوم جديد يطلق على الأبنية التي تراعي الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل البناء من تصميم و تنفيذ و تشغيل و حتى صيانة ، و ذلك من خلال تخفيض استهلاك الطاقة و المياه قدر الإمكان و بالتالي الحد من الأثر السلبي على البيئة و على صحة الإنسان لضمان حياة أفضل لنا و للأجيال المستقبلية القادمة .
تم وضع عدة شروط و متطلبات يتم من خلالها تصنيف هذه المباني بحيث لا يعتبر أخضرا إذا لم يحقق الحد الأدنى من هذه المتطلبات ، و اتفقت معظم المجالس المنظمة لعملية البناء في معظم الدول على البنود الأساسية فيما تم الاختلاف على الأمور الفرعية و التي ترجع لكل بلد و خصوصيته من حيث الموقع الجغرافي و الطبيعة المناخية و أمور أخرى . وسنتعرف على أهم هذه البنود الأساسية القائمة عليها هذه المباني .

ما هي الشروط الواجب مراعاتها عند تصميم و تشييد المباني الخضراء ؟
 موقع البناء: لابد الأخذ بعين الاعتبار طبوغرافية الموقع من حيث الحفاظ على جماليته و مراعاة طبيعة الأرض و عدم إلحاق الأذى بالكائنات الحية الموجودة فيه ، كما يندرج تحت هذا الشرط كيفية الاستفادة من حركة الشمس لتوجيه المبنى بالطريقة المثالية للحصول على أكبر قدر ممكن من أشعة الشمس ، فغالبا ما تفضّل الواجهات الجنوبية ذات النوافذ الطويلة كما تفضل أن تكون الواجهات الغربية ذات نوافذ قليلة أو حتى معدومة تجنبا لتخزين الحرارة صيفا . أيضا يجب ألا نهمل حركة الرياح و أهميتها في عملية التهوية العامة للمبنى ، إضافة إلى تجنب التلوث البصري بشكل المبنى من خلال الاهتمام بالتنسيق العام له و بالتالي نضمن بذلك جمالية المنطقة بالمجمل .
 حفظ الطاقة : تعتمد المباني الخضراء على التقليل من استهلاك الطاقة من خلال الاستفادة من الطاقات المتجددة بنسبة كبيرة بدلا من الطرق التقليدية ، فاستخدام الطاقة الشمسية في تغذية الأحمال المنزلية باتت طريقة جيدة و نظيفة و تدوم لفترات طويلة ، و تمكننا أسطح و واجهات هذه المباني من استخدامها لتركيب الخلايا عليها ، و هنالك نقطة ايجابية من حيث تخزين الطاقة الفائضة عن التوليد في بطاريات فكما هو معلوم الاستهلاك اليومي من الطاقة غير ثابت و يختلف من يوم ليوم حسب الحاجة و أيضا يمكن الاستعانة بها في الأيام الغائمة لتكون بديل عن الخلايا التي ينخفض أدائها نظرا لحجب الشمس .
أيضا لا ننسى انه بالإمكان استخدام طاقة الرياح بدلا من الطاقة الشمسية باعتبار أنها ارخص منها لكن تعتمد على موقع البناء و حركة الرياح فيه .و لا ننسى أن الاعتماد على الإنارة الطبيعة نهارا يخفض بنسبة جيدة من الحاجة إلى الطاقة و يقلل من العبء على نظام التوليد .
 حفظ المياه : إن الحفاظ على المياه في هذه المباني يعتمد على الطبيعة المناخية إلى حد ما ، فيمكن الحصول على مياه الشرب في المناطق المطرية من خلال تجميع مياه الأمطار في خزانات ومن ثم معالجتها من الكبريت و المعادن . أما في المناطق الصحراوية يمكن الاعتماد على المياه الجوفية الموجودة ، و كما ينصح بالاستعانة بمرشدات استهلاك المياه ضمن المبنى نفسه للحد من هدر المياه ، و إعادة معالجة المياه الرمادية الناتجة عن عملية الغسيل لاستخدامها في سقاية النباتات التي يفضل أن تكون من النوع القليل الحاجة للمياه مثل الصباريات و النخيل .
 مواد البناء: يتم استخدام المواد الطبيعية المتجددة في عملية البناء لما لها دور أفضل في العزل و السهولة في إعادة تدويرها و استخدامها في أمور أخرى ، كما يفضل أن تكون هذه المواد مصنعة و مستخرجة محليا للحد من فقد الطاقة في حال نقلها من مناطق بعيدة .

 التبريد و التدفئة : إن تدفئة المنازل و تبريدها بالشكل التقليدي يتطلب استجرار كبير من الطاقة ما يجعلها سببا في استنزاف دخل العائلة ، أما المباني الخضراء صممت بحيث تمتص أكبر قدر من حرارة الشمس في الشتاء و كذلك فقدان أكبر قدر من كمية الحرارة صيفا ،ومبادئ التصميم ليست بجديدة فقد استفاد المعماريون من الكثير من العمارات القديمة من مبادئ التكييف للأبنية من خلال التجربة ومراقبة حركة الشمس والرياح طوال السنة , كما قاموا باختيار المواد العازلة للحرارة لتشييد هذه المباني, كما تم التصميم بحيث يضمن حدوث تدوير للهواء مما يضمن التهوية والتبريد داخل المبنى في الصيف باستخدام الهواء الداخل من خلال الشبابيك والفتحات العلوية وغير ذلك من تقنيات. تلعب مواد البناء دورا مهما في إنشاء المباني فلا بد للجدران أن تكون من مواد عازلة تحفظ الحرارة شتاءا وتمنع الحرارة العالية من الدخول إلى المبنى كما أن إيجاد أنواع أكثر عازليه من زجاج النوافذ يعد هدفا أساسيا لمصممي هذا النوع من الأبنية وهناك الأسقف العازلة والأرضيات الماصة للحرارة من أساسيات هذا التصميم .
ماذا عن كلفة هذه المباني ؟ هل تعتبر مكلفة بالمقارنة مع المباني التقليدية؟
بالطبع تعتبر هذه المباني مكلفة نوعا ما بالمقارنة مع المباني الأخرى وهي من أكثر النقاط التي تنتقد من خلالها ، لكن هذه الكلفة هي كلفة إنشاء أولية فقط و إذا نظرنا إليها بطريقة أبعد من ذلك فستعود علينا بالنفع و التوفير الطويل المدى و الذي يمتد لسنوات طويلة من خلال التقليل في قيمة الفواتير و تأمين السلامة العامة لصحة الإنسان و الحفاظ على البيئة لذلك لا بد من نشر التوعية العامة على فوائد هذه الأبنية و أهميتها و ما يميزها عن غيرها سواء من حيث الحفاظ على الطاقة و البيئة و صحة الإنسان .

إن هذه المباني لها آفاق مستقبلية رائعة في ظل التناقص الواضح لمصادر الطاقة و ما تسببه من أذى على الطبيعة من انبعاث الكربون و تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري ، و كان التطلع إلزام شركات البناء على تطبيق هذه المعايير و الشروط في الإنشاء لما لها من منفعة بعيدة المدى ، و تعتبر المناطق العربية ذات مناخ جيد يحفز للاستفادة من هذا الابتكار الجديد نأمل استثماره بشكل أقوى في الأيام المقبلة من خلال انشاء منظمات بناء ذات معايير خاصة بكل بلد حسب موقعه و مناخه و متطلبات السوق و تشجيع السكان من خلال التوعية بالتنسيق مع الوزارات و المنظمات المحلية .