رئيس التحرير

الـقَـضْـم .. خطة سوريا الناجحة في الميدان وعلى مسارات السياسة .. طارق عجيب ..

midline-news .. الوسط ..

 

لسنا بحاجة إلى استعراض تفصيلي لمتغيرات المشهد السوري منذ بداية الأزمة .. لكن مما لا شك فيه أن خارطة توزع السيطرة على الجغرافية السورية منذ العام 2011 طرأ عليها تغييرات وتبدلات كثيرة وعلى فترات طويلة نسبياً ، وبقيت هذه المتغيرات متذبذبة حتى عام 2013 بين الدولة السورية من جهة ، ومن جهات كثيرة أخرى ، المجموعات الإرهابية المسلحة وعلى رأسها داعش وجيش الإسلام وجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرهم ، ومن يقف خلف هذه المجموعات من دول وجهات وجماعات .

في نهاية 2013 , بدأت كفة المتغيرات تميل لصالح الدولة السورية ، وأصبح الخط البياني تصاعدياً لجهة سيطرة الدولة وانتصاراتها بعد أن شاركت إيران بطلب من الدولة السورية في مواجهة الإرهاب وداعميه ، نتيجة انكشاف الدوافع والغايات الحقيقية لاستهداف سوريا وكل محور المقاومة من قبل هذه المجموعات الإرهابية التي تتلطى تحت عنوان “المعارضة أو الثورة” ، والجهات الداعمة لها .

الثقل الكبير في كفة الدولة ، والقفزة المهمة في تصاعد الخط البياني لنسبة سيطرة الدولة السورية على مناطقها المحتلة من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة ، بدأت نهاية عام 2015 ، تاريخ مشاركة الحليف الروسي في الحرب على الإرهاب ، ليقين روسيا الراسخ أن مفاتيح الكرملين تتواجد في دمشق ، بعد هذا التاريخ تتالت إنجازات الجيش السوري في الميدان ، وتسارعت وتيرة تحرير المناطق السورية التي أخرجتها المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الخارج عن سيطرة الدولة السورية ، ولا تزال وتيرة التحرير تُراكم الانتصارات واستعادة المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة إلى كنف الدولة وسيطرتها .

كما في الميدان .. كذلك في السياسة ، لم يختلف سياق الأحداث ومسار الخط البياني للمتغيرات على المشهد السوري ، مروراً بجميع محطات السياسة التي توقفت فيها مسارات الحراك السياسي ، الداخلي منه (مصالحات وتسويات وإصلاحات) ، والإقليمي ، الدولي ، والأممي (جنيف ، أستانا ، سوتشي ، لجنة دستورية ، مناطق خفض التصعيد ، وغير ذلك) .

ورغم السنوات العجاف الكثيرة من عمر الأزمة التي قاربت العشر سنوات ، إلا أن الدولة السورية اعتمدت ومنذ البداية خطة “القضم” ، في مساراتها التي بدأتها بهدف الوصول إلى نهايات تعتبرها استحقاقاً ثابتاً ومبدئياً ، لا خياراً قد تقبل بأي بديل له ، ودعمت هذه الخطة بصبر استراتيجي أو كما يقال “سياسة الأنفاس الطويلة” ، فاستطاعت بذلك أن تُـحقق ثم تُـثَـبِّـت وتُـراكم انتصارات وإنجازات أعادت رسم غالبية المشهد السوري بألوان العلم السوري ، وبزنود وتضحيات الجيش وحلفائه .

ورغم توجيه انتقادات كثيرة لكل اتفاقية أو قرار صدر بما يتعلق بالأزمة السورية ، وتوجيه لوم وعتب وحتى اتهامات للدولة السورية بأنها فرَّطت بحق ، أو خضعت لشروط الحلفاء أو الأصدقاء بما ينتقص من سيادتها ، أو حرية قرارها واستقلاليته ، وبما قد يؤثر أحياناً على مسيرة الجيش في الميدان ويستهين بتضحياته ، إلا أن من ينظر إلى ما وصلت إليه الحال الأن ، وكيف تحولت خرائط السيطرة على الجغرافية السورية بغالبيتها لصالح الدولة السورية ، وكيف تزداد مساحة المناطق المحررة باتجاه استكمال تحرير كامل الأراضي السورية الخارجة عن السيطرة ، سيجد بما لا شك فيه أن اعتماد الدولة السورية لخطة “القضم” ، في الميدان ، وعلى مسارات السياسة ، حققت لها ما لم يكن من الممكن تحقيقه باعتماد خطط أخرى كان من الممكن أن تُبَرِّد بشكل آني رؤوساً حامية ، لكنها جاهلة بنسبٍ مختلفة وبعضها عالٍ ، بحقيقة ما يجري ، وربما كانت ستأخذ البلد إلى مآلات بعيدة كل البعد عن مصلحة سوريا ودورها الذي لم ولن تتخلى عنه تجاه قضاياها وثوابتها ومبادئها .

*رئيس التحرير  

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى