رئيس التحرير

الإعلام الرسمي السوري تدجينٌ وتهميشٌ ممنهج أم صراعُ نفوذٍ وفرضُ إرادات !؟..

طارق عجيب – رئيس التحرير .. 
========================================

لا يخفى على أحد الأن ما يعانيه الإعلام السوري على كل الصعد من أزمات وضغوطات ، وما زاد الطين بلة ، القرارات الأخيرة التي اتخذت بذريعة ضبط الالتزام والحضور وترشيق المؤسسات وإعادة الهيكلة وتقييم الأشخاص لتصويب الخلل وتطوير العمل والأداء .

ذرائع كثيرة يستخدمها القائمون على الإعلام كسلاح لتشذيبه كما يدعون ، ليمعن هذا السلاح في تجريح الإعلام وبتر أطراف منه ، ليصل إلى حالة من الإعاقة والعجز ، بحيث يكون مسلِّماً مطواعاً مكتفياً بركنه الذي خصص له ليناسب إعاقته ، وليكون دوره محصوراً بالترحم على أيام شبابه .

لا يخفى على الكثيرين أيضاً ان هنالك معاركُ فرض نفوذٍ وإرادات في الإعلام وعليه ، بين أجنحة داخل الحكومة والوزارة والإدارات ، وأخرى بينهم وبين جهات وصائية أخرى ، تبين أن لها اليد الطولى والظل الثقيل على الإعلام الرسمي ” وغير الرسمي عند الضرورة ” .

ظل أخرُ خبيث ، يرخي ثقله على الإعلام الرسمي أيضاً ، له غايات تختلف في بعضها عن غايات الظل الثقيل ، لكنها تلتقي معه في نقاط المكاسب والمصالح الخاصة .

يرتفع الصوت عالياً من داخل جسد الإعلام الرسمي ، وينفذ عاملون في الإعلام أول اعتصامٍ رافضٍ لكل ما يتخذ من خطوات بحق إعلامهم ، ويلتقي معهم رئيس الحكومة ، الذي يفترض أن يكون صاحب الرأي والقرار النهائي في ما يجب أن يكون وفق الأنظمة والقوانين التي تحفظ للمؤسسات والعاملين فيها حقوقهم وكراماتهم ، لكن الخيبة كانت كبيرة ، كيف لا تكون كذلك ورئيس الحكومة لم يتمكن من فرض قراره الذي اتخذه بتسمية مدير عام للهيئة ، واستبدل القرار بقرارٍ ثانٍ واسم اخر .

في بلد كسوريا ، لا نحتاج للكثير من التعب لإثبات سطوة جهات خارج الحكومة على عمل وقرارات الحكومة ، لكن كنا نأمل ونتعشم أن الثمن الذي دفعته سوريا ويفوق ما دفعته أي دولة في العالم في التاريخ الحديث ، كنا نتمنى أن نكون قد تعلمنا وتغيرنا للأفضل ، ليكون القانون والحق هو السائد ، لا المحسوبية والوصاية والنفوذ والثأرية وفرض الإرادات بغض النظر عن صوابيتها ومدى تحقيقها للمصلحة العامة ومصلحة العمل والوطن .

أصواتُ حقٍ ارتفعت في وجه قرارات مجحفة وظالمة ، كان من الطبيعي في بلد كسوريا أن نتوقع ، بل أن نؤكد ما الذي سيتُخذ بحق أصحابها الذين تجرأوا على فعل ذلك ، وكيف سيكون التعامل معهم ، وهذا ما حصل .

الفائض ، التقييم المهني ، الترشيق وإعادة الهيكلة ، التطوير ، وغيرها من عناوين فضفاضة وغير شفافة ولا نزيهة ، ما هي إلا أسلحة الموت السريري الذي يحضر للإعلام الرسمي السوري بيد من يدعون أنهم قائمون عليه للنهوض به .

مستلزمات تطوير الإعلام ليكون حاضراً ومنافساً ومؤثراً معروفة وواضحة ومتوفرة وتحتاج لكل الموظفين في الإعلام السوري ، شريطة أن يكون هنالك إدارة تعي وتفهم دور الإعلام وكيفية الحصول على أعلى جدوى منه ، وشريطة أن يكون كل موظف في مكانه الذي يناسبه ، وشريطة أن يكون هناك استثمار صحيح للموظفين كلٌ باختصاصه ، صحفيين ، مهنيين ، فنيين ، محترفين ومبدعين ، أصحاب المبادرة والأفكار الخلاقة ، معظمهم يُقمع ويُهمَّش في الداخل ، ويتميز ويبدع في الخارج .

لن يستطيع القائمون على الإعلام الرسمي في سورية أن يحجبوا الشمس بغربالهم ، لأن غربالهم بمقدورها أن تنفذ منه قوافل تهريب ثروات سورية إلى الخارج ، والمحزن حتى القهر ، أن هذا الغربال سيمر منه قوافل من الإعلاميين هم ثروات لا تقل أبداً ، بل تزيد ، عن ثروات سورية الأخرى .

وفي ظل حملة التضييق والتهجير ، المقصود أو غير المقصود ، بنية التطوير أو بنوايا غير شريفة ،  لن أطالب ولن أصرخ في وادٍ لا بشر فيه ، لكن أقول ، بأمثال شرفاء ومناضلي الإعلام الرسمي السوري ، وهم الأغلبية ، سينتصر الإعلام على مستهدفيه ، والأمل الذي جدده بضع رجالٍ اليوم ، لن تغيبه كل الظلال الموحشة الجاثمة على صدره .

|| Midline-news || – الوسط  ..
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى