عن “جوقة عزيزة” .. بقلم: مراد داغوم
نقلاً عن موسوعة الويكيبيديا الانكليزية، ورد ما يلي في سياق شرح معنى عبارة (رقص شرقي):
((تاريخيًا، فنانو الرقص المحترفين هم العوالم والغوازي وكوسكلر Köçekler. ربما كانت الأخوات مازن آخر المؤدين الأصيل للرقص الغوازي في مصر ، ولا تزال خيريه مازن تدرس وتؤدي حتى عام 2020 في العصر الحديث، لا يُعتبر المؤدون المحترفون- بما في ذلك الراقصين والمغنين والممثلين) محترمين في دول الشرق الأوسط الأكثر تحفظًا، وهناك وصمة اجتماعية قوية مرتبطة بفنانات الأداء على وجه الخصوص، حيث يعرضن أجسادهن في الأماكن العامة وهو حرام في الإسلام. ومع ذلك، في لبنان وتركيا والمغرب والعراق وبشكل غير رسمي في إيران ومصر، وكذلك في الشتات العربي، لا يزال لهذا الفن احتفاليات يتم أداؤه فيها)) -انتهى الاقتباس.
للشرح، “الأخوات مازن” هي عائلة معروفة بممارسة الرقص الشرقي في مصر، أما Köçekler فهي كلمة تركية تدل على الغلمان أو الذكور الذين يلبسون كالنساء ويؤدون الرقص الشرقي. مناسبة “احتفائي” بهذا النوع من الفنون هي عبارة قرأتها في تعليق لأحد “المثقفين” على منشور يتحدث عن مسلسل (جوقة عزيزة)، عبارة توحي باستنكار شديد اللهجة لتناول التاريخ السوري من خلال (مربع فني) ينظم الخلاعة !!! موضوعي هنا لا علاقة له بالعمل من حيث أنه (دراما)، بل ببقاء واستمرار محاكمة أنواع الفنون استناداً لاعتبارات اجتماعية غير عادلة حتى يومنا في القرن الحادي والعشرين. مقابل ما يتم إعلانه في الميديا المختلفة أن سوريا مجتمع حضاري متحرر، يحتضن كافة الفعاليات الثافية ويرعاها. وبالطبع، نعرف أن هذه العبارات الجميلة هي للاستهلاك الإعلامي بينما على الواقع ما زال الأهل في غير مكان يمارسون (إرهاباً) على الابن الذي تسول له نفسه أن يقتني آلة موسيقية ليضطر في النهاية أن يتوسل لبائعها أن يعيدها ! فما بالك بالحديث عن ما يسمى بالـ (رقص الشرقي)؟
لا يختلف الموقف من هذا النوع من الفنون بين الجمهور وبين المنظمات الرسمية، ففي كل من مصر وسوريا ما تزال نقابة الفنانين تتجاهل الرقص الشرقي، وتمنع وجود تصنيف (رقص شرقي) ضمن ما تعتبره (مهنة فنية) من بين ما تتضمنه من تصنيفات لتنظيم العمل الفني بشكل عام. أما رسمياً، فتجد “الدولة” نفسها أحياناً مضطرة (كدولة) إلى اعتماده كفقرة أساسية ضمن فعاليات “ديبلوماسية”، إذا لم يخل حفل في مصر أقيم على شرف رئيس أميركي زائر من فقرة (رقص شرقي)، مما يثير ألف سؤال عما هو مطروح في العلن وعن الموقف الحقيقي من فن معروف محلياً وعالمياً.
يطرح المسلسل فكرة غيرة وتوق راقصة شرقية سورية للوصول إلى المستوى الاجتماعي المرموق الذي حققته “مطربة” مصرية كبيرة وهي “منيرة المهدية”، وتمر عبر المسلسل فكرة أخرى تتحدث عن أن “المجتمع المصري” أكثر تطوراً من نظيره السوري في هذا الخصوص تحديداً. إلى هنا أجد رقياً في مستوى الأفكار المطروحة، أما الفكرة التي لم تعجب البعض فهي تطرق العمل إلى بعض من أشكال المواجهة مع المحتل الفرنسي واعتبار ذلك انتقاصاً من النضال السوري ضد هذا المستعمر. عندما أقارن بين هذه الطريقة في التفكير وبين ما نراه من أعمال تخريبية في بلدنا لا يمكنني وصف هذا التفكير بأقل من (إرهاب فكري) يرمي إلى كبح أي إبداع عبر الاحتكام إلى تقاليد عف عنها الزمن. في الوقت ذاته، أسمح لنفسي بالخروج قليلاً عن الموضوع بمناسبة استشهاد المسلسل بعَلَمٍ كبير مثل (منيرة المهدية) للتذكير بأن هذا العَلَم قدَم أغنيات لا يمكن وصفها بأقل من “خلاعية” في زمن يوصف اليوم بالجميل!
.
*مراد داغوم – مؤلف وموزع وناقد موسيقي – سوريا
-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews