إضاءاتالعناوين الرئيسية

جدلية غير أثيرة … أحمد علي هلال

 

جدلية غير أثيرةأحمد علي هلال

ذات أمسية أدبية حارة جهر لي أحد النقاد الراحلين: «إياك والكتابة عن الأدباء الأحياء… حسناً اكتب عن الأدباء الراحلين»، ولعل هذا الرأي يستبطن ما اعتادت عليه تقاليد بعينها سواء في الوسط الأكاديمي أو بعض الأوساط الإعلامية، لأتذكر في هذا السياق ما قاله الناقد الراحل د. حسام الخطيب في مقالة مثيرة «النقد وحائط المبكى»، أي: «إن التعامل مع الأدباء الأحياء الواقفين دون عرينهم كالأسود الضواري، يجعل النقد لعبة مبارزة بالسيوف أو بالمسدسات».

وفي إطر العنوان جدلية غير أثيرة … حدثني ذات مرة حدثني ناقد معاصر، نسعى للكتابة عن الأدباء الأحياء وخاصة المعاصرين، على الرغم من أن السائد هو أن تكتب عن الذين رحلوا منهم، هذه الآراء على اختلاف توجهات أصحابها تضع المرء في حيرة غريبة ليندفع سؤال كبير ، ولم لا يكتب عن الأحياء الذين يبثون نتاجهم طازجاً بصرخات الولادة الأولى وإطلاق نداء الحياة، فهل ما يُكتب عن الأحياء الآن وفي الأوقات القادمة، بات يمثل مغامرة صريحة، فما يهم من رحل أن تكتب عنه -بعد رحيله- بضع مقالات قد تنصفه وقد لا تنصفه، لكن من أشقتهم الكلمة «عمالها وصناعها ومهندسوها» من يستنبتون في سهوب الأوراق أكثر من حياة، من يذهبون بلباس أنيق خلف طرائد اللغة التي أيقظتهم –ذات حذر- والذين تساءلوا على الدوام، في أي غابة يغتسل المطر، وفي أي البراري تمارس اللغة رفضها في المطلق الأثير؟. أولئك الذين يكتبون ساهرين في ضوء أجسادهم وأحلامهم ومخيلاتهم، ليضيئوا العزلة والعتمة، وليرّدوا للغواية غوايتها، فالممكن لديهم قارئ يعيد نسج الغواية لتلبسه ويلبسها ويستولد أزمنته وأمكنته، ولطالما قال الورق فثمة من الحكايات ما يوازي نهر الشمس في رحلته الأزلية في النفوس الظمأى، إلى تخوم اللغة وخلاياها وأنسجتها.

أن تكتب عن الأحياء الآن، تثير جدلية غير أثيرة ربما! وهي مغامرة حقاً لكنها حوار ليس مع «شبح والد هاملت الذي لا يجيء ويلقي بالاضطراب في خيالنا بلا داعي»، كما قال الكاتب الروسي أنطوان تشيخوف، الذي هجر الطب من أجل الأدب، أن تكتب عن الأحياء فستكتب عن حاضر ومستقبل، يبرأ ولو قليلاً من شبهة ماض، فكيف بك أن تحاور فتشيع في النفوس دينامية استجابة وتوثب أكثر منها أن تقول كل ما لديك ولا يسمعك أحد.

.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا 

.

لمتابعتنا على فيسوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى