العناوين الرئيسيةحرف و لون

البحث عن الفراشات … هاني نديم

اللوحة : سلفادور دالي

 

دهسني قطار الحياة وأنا أبحث عن فراشاتي ..

فراشةٌ طارت من نصٍ متوحشٍ لمحمد الماغوط أول العمر ..

فراشةٌ فرّت من طرق الحديد على الحديد بين يدي زكريا تامر ..

فراشةٌ حطّت على فم إديث بياف ..

وأخرى كسرت جناحها بين قدمي مارادونا ..

عملت في كل المهن ولم أرَ إلاّ الفراشات ..

لقد تشوّهت حياتي بانتظار رفيفها وألوانها ..

تشوهت أحزاني ومباهجي ..

وخنت الآخرين؛ كل الآخرين ..

بوعدي لهم بالفرح آخر المشوار ..

****

أكتبُ الشعرَ وأندم ..

ثم .. أندم ..

بعد ذلك بقليلٍ .. أندم مرةً أخرى ..

أكتبُ الشعرَ في الليل تحت شجرة الحسرات ..

تسقط ثمارها “النيّئة” اللامعة الخدّ على أرض الغرفة .. فأرمي بها من الشباك وأنام ..

في الصباح ..

وأنا أمشي إلى الحياة، أجد الصبْـيةَ في الشوارع يقضمون من تلك الثمار المسمومة ..

أفكّر كيف سيصيرون إلى جثثٍ لامعةٍ عما قريب ..

كيف سيدخلون لغرفهم ..

يكتبون تحت شجرة حسراتهم ..

ثم .. يندمون!

****

وعلى ذكر كانت وكان ..

كانت الدنيا دخاناً ..

وأنا ما زلت – بعد – في سوق النحاسين بوافر حزني وكامل أناقتي وبسيط آمالي ..

كانت الدنيا دخاناً كثيفاً تتخلله رائحة حريق بعيد ..

العصافيرُ تصل أعشاشها بحكم العادة ..

وتغني بحكم العادة ..

وتحطّ على ذيل المساء بحكم العادة ..

وكذلك الشعراء .. كانوا يغنون إذ لا يعرفون مهنةً أخرى ..

ومثلي مثلهم؛ غنيت وسط هذا الدخان الذي يحمل عسيس أوراق دلبٍ في جوفه ..

فاشتعلت الحرائق في جوفي ..

وبحكم العادة .. امتلأت بالعصافير ..

****

لا ينام الشعر ..

يظل راقداً بعينٍ مفتوحة كالذئب ينتظر أحزانك المتأخرة ليلتهمها ..

أولاً .. بأول ..

لهذا ..

الدراويش، رعاة الخوف؛ يجمّعون أحزانهم كقطيعٍ

ويهشّون عليه بكلب الضحك.

 

*هاني نديم .. شاعر وإعلامي من سوريا ..

 

صفحاتنا على : فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى