رئيس التحرير

الإعلام الروسي ” يُطبق ” على أنفاس الأوربيين

طارق عجيب – رئيس التحرير .. 

====================================

تقف أوروربا اليوم أمام تحدٍ كبير يتمثل في قدرتها على إخفاء حالة الانفصام التي تعيشها بين ما تدعيه من حرصها على الحريات والحقوق والانفتاح ، وبين ما تمارسه من سياسات خارجية ، وما تتخذه من قرارات بحق باقي دول العالم وكل من لا يخضع ” طوعياً ” لمعاييرها وقوانينها وشروطها ، التي تمنحها بشكل منفرد سلطة منح صكوك الحريات والحقوق والتعبير عن الرأي .

لكن من الواضح أن الأمور لا تسير كما تشتهي أوروبا في هذا التحدي ، فالقارة العجوز ، التي تتشكل بمعظمها من أمبراطوريات ودول لها تاريخ استعماري حافل ومستمر لبعض دولها حتى الأن ، لم تتمكن من نزع هذا التاريخ من ذهنيتها ، وتحاول بشتى السبل أن تستمر في ممارسة استعمارها وسطوتها على باقي شعوب العالم عبر ما يتوفر لديها من مستلزمات وأدوات تستطيع من خلالها أن تفرض ما تراه مناسباً لسياساتها ، أو تمنع ما تراه يخالف ذلك .

وتستخدم أوروبا اتحادها وبرلمانه لتشكيل قوة ضغط كبيرة على من يحاول أن يعرقل مشاريعها ، أو يفضح نفاقها الذي تحاول أن تخفيه بأغلفة براقة ولماعة مثل حقوق الإنسان وحرياته وتطلعاته ، فلا تتوانى أبداً عن اتخاذ قرارات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو أمنية ضد أي دولة أو جهة لا تنسجم مع ” معايير الاتحاد الأوروبي ” التي تمت صياغتها بالشكل الذي يخدم فكر وسياسات دوله ومصالحها ومكاسبها فقط ، دون أي احترام أو مراعاة لخيارات وحقوق الدول والشعوب الأخرى .

ويتنطح البرلمان الأوروبي الأن لمواجهة الإعلام الروسي باعتباره يشكل خطورة على دول الاتحاد ، ويصف وكالة سبوتنيك وتلفزيون روسيا اليوم بأنهما الأكثر خطورة ، وهو ما يشكل سقطة نوعية لهذا البرلمان في ما يعتبر جوهر قيام الدول الأوربية وهو الحقوق والحريات واحترام الرأي الأخر ، كما يشكل ضربة موجعة للديمقراطية التي يتشدق الأوروبي بها كيفما تحدث إلى إعلامه الذي انكشفت غالبية مؤسساته بأنها ليست سوى منابر للمشاريع الأوروبية السياسية والعسكرية في العالم ، وتنقل وتفبرك بشكل منحاز ومسيَّس الأخبار بما يخدم مرجعياتها كدول وأجهزة استخبارات كبرى ، تُشغِّل هذه المؤسسات وتطوعها لمشاريعها الاستعمارية في العالم .

من المؤكد أن نجاح الإعلام الروسي في كشف ونقل الحقائق ، وتعرية النفاق ، وتأكيد الابتعاد عن المصداقية والشرف الإعلامي في المؤسسات الغربية الإعلامية والسياسية والاقتصادية وغيرها ، كان له الدور الكبير في هرولة ساسة الدول الأوروبية نحو برلمانهم لاتخاذ خطوات تعيق وتعرقل عمل المؤسسات الإعلامية الروسية في دول الإتحاد ، والدول التابعة لها ، وهو ما سيُسهم في تغييب الصورة الصحيحة والكاملة عن المشاهدين والمتابعين في الكثير من المناطق التي تستدعي وجود إعلام متوازن وينقل الحقيقة دون تزييف أو بما يخدم أجندات ومشاريع استعمارية تستهدف دول وحكومات وشعوب .

كان الأولى بالبرلمان الأوروبي أن يؤكد على المعايير التي يتغنى بها ، ويطالب دول العالم كافة بتبنيها ، وهي في جوهرها تؤكد على حرية الرأي والتعبير والتعايش وقبول الأخر ، وعلى الديمقراطية في التعامل ، ودون أي تمييز أو تفرقة ، بدل أن تتخذ قررات فيها منع وإقصاء وفرض شروط وقيود على العمل الإعلامي الذي يجب ان يتوفر له كل مستلزمات النجاح في العمل ليكون شفافاً وصادقاً في نقل المعلومة .

كل التقدير للإعلام الروسي ، ولوكالة سبوتنيك وقناة روسيا اليوم ، لجهودهم في نقل الخبر بمهنية وشفافية ، ولنجاحهم في فضح زيف الادعاءات الأوروبية في فهم الديمقراطية ، وإثبات فشل حكومات أوروبا في ترجمة المعايير الأوروبية بشكلها الصحيح ، وكشف حقيقة أن ساسة أوروبا وحكامها وبرلمانها لا يزالون يتعاطون مع الأخر بذهنية المستعمر ، وبسياسة الفرض والمنع والإقصاء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى