رأي

هواوي الصينية والسورية! .. بشار جرار – واشنطن ..

هواوي الصينية والسورية! ..

 

علم الصوتيات في نظري من أجمل اختصاصات اللغة الإنجليزية واللغات واللهجات عموماً، وقد نفعتني كثيرا في

حياتي المهنية، لا بل والشخصية أيضاً.

قبل هَوَس تسييس كل شيء في هذا العالم المتخبّط، كان اسمي الأول يعني استحضار أشعار بشار بن برد القائل بأن “الأذن تعشق قبل العين أحيانا”، لكن كارثية لفظ الأمريكيين للأسماء الأجنبية وافتقارهم القدرة النطقية على التعامل مع الشدة فيكسروها، فيتحول اسمي من بشار إلى بشير بكل ما يرافق ذلك من نقاشات تتراوح بين الجنسية والدين والسياسة، أرحت رأسي وقلت لهم نادوني “بن” اختصاراً لابن غازي، فأكثر ما اعتز به في حياتي انني ابنه، رحمة الله عليه، حتى جاءت عملية تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي في بنغازي في ذكرى اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر قبل عشر سنين، فصار لاسمي الأمريكي دلالاته السياسية أيضا المرتبطة بـ “بنغازي غيت” أو فضيحة بنغازي التي شكلت كابوساً لا زال يطارد هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية آنذاك، وعليه اكتفيت باسمٍ غير مركّب، “بن” حاف.

قبل سنوات، تصاعدت الريبة واللغة العدائية بين بكين وواشنطن، وتبعتها من بعد عواصم أوروبا خاصة مع رواج اتهامات بالاختراق الصيني السيبراني والتجسس الالكتروني بلغت زهاء ٩٠٪ من القضايا المنظورة بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي”، توجّست دول الناتو من عملاق الالكترونيات والاتصالات السلكية واللاسلكية، شركة “واووي”، وتلفظ كما حرف “الواو” ومن ثم “وي” على طريقة لفظ كلمة “طريق” باللغة الإنجليزية، الطريف أن الصحافة العربية مازالت تصر على أنها “هواوي” نطقاً وكتابةً جراء النطق الحرفي لما تكتب به باللغة الإنجليزية حيث تبدأ بالهاء الـ “إيتش”.

كنت في تلك الأيام في مهمة تدريبية لمجموعة من الإعلاميين العرب في دول مشهود لها بالثقافة والرصانة، هي من الدول

الأكثر استخداما للغة الفرنسية كلغة ثانية، وقلة من يتحدث فيها الإنجليزية ما قبل جيل الشباب، عندما أتى ذكر أهمية نطق

الأسماء كما تلفظ بلغة أهلها تعزيزا لمهنية ومصداقية المذيعين، ورد اسم الـ”هواوي” الصينية وانتقلنا من حيث لا ندري إلى

قصة “الهواوي” السورية.

إن أسعفتني الذاكرة، كان ذلك أواخر الثمانينيات، حيث شهدت العلاقات الأردنية السورية تقارباً وحميمية بلغ حد اتفاق

“القطرين” الشقيقين على السماح لمواطني الدولتين عبور الحدود المشتركة بـ”الهواوي” وهي باللهجتين المحكيتين

الأردنية والسورية تعني جمع هوية، بمعنى هوية الأحوال المدنية أو البطاقة الشخصية.

عند تجديد جواز سفري الأمريكي كان لدي خيار طلب إضافي لجواز سفر على شكل بطاقة ائتمان بلاستيكية ممغنطة، آثرت

تجديد الجواز التقليدي الورقي فقط لعدم نيتي زيارة كندا أو المكسيك أو “هاواي” بالجواز-الهوية،

وأنا أعدّ لزيارة الوطن الأم الأردن، كم تمنيت لو عاد زمن “الهواوي” وربحنا معاً الحرب ضد الإرهاب والمخدرات..

تجّار الموت هؤلاء عدو مشترك لا بد من الإجهاز عليه، فتصان الحدود، ومن ثم تتلاشى، وتنعم بعبور آمن بالهواوي..

 

*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter
 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى