معرض غسان جديد.. بيوت فسيفساء خامتها الألوان ومنمنمات تقارب رسوم الأطفال
أعماله الفنية أيقونات تبعث الشعور بالطمأنينة والسلام..

|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس
.
في معرضه الذي أطلق عليه “ذكرياتي ولؤي كيالي” وأقامه في “غاليري ألف نون” بدمشق، بدا الفنان التشكيلي غسان جديد، كما لا أحد..
كما لا أحد، وكما كان دائماً طيلة سنوات تجربته المهمة؛ متفرداً، لا يشبه أحدا ولا يشبهه أحد، لأنه يعبّر من خلال لوحاته عن ذاته وثقافته وخلاصة معرفته الفنية.
في نظرة عابرة للصالة؛ يلحظ الزائر انتشار لوحات جديد على جدران الغاليري -خصه الفنان بديع جحجاح باهتمام تجلى في لمسات فنية غاية في الرقي والرقة- وكلها ترصد البيوت الطرطوسية العتيقة، والمعتّقة بذكريات أصحابها.
تنتابك مشاعر السلام والأمان والسكينة، تعود إلى طفولة تشبه روح الطفولة في لوحاته، رغم أنك أمام فنان مفعم بالخبرة والأكاديمية وثراء التجربة التشكيلية.
بيت مماثل!
هذا بيتي.. !
هكذا صرختُ أمام أولى لوحاته، بعد نظرة فاحصة! وأمام اللوحة الثانية والثالثة والعاشرة أطلقت ذات الصرخة الخافتة. فالبيوت التي رأيتها وغيري من الزوار، هي بيوتنا جميعاً! لم يسبق –لي شخصياً- رؤيتها سوى في الحلم.
يهيأ إلي أن بعضنا هكذا يرى البيوت في الحلم: صغيرة دافئة متراصة متلاحمة، تشيع بهجة النوستالجيا في الروح. وتشعر كما لو أنك عشت في بيت مماثل في حياة ما سابقة!
ما يعزز هذا الشعور أن كافة الكتل اللونية في اللوحات، هي كتل ملونة بألوان المسرّة والفرح، محاطة بلون واحد كأنه سور أو إطار صورة يخبرك أن هذه اللوحة هي صورة بيتك. فتارة تعلو البيوت كأنها سحاب في السماء، وتارة تتدلى كقلادة، وأخرى كسجادة تنسدل على كتف الحائط.
أينما أدار الزائر وجهه، يرى ذاته محاطاً ببيوت صغيرة أشبه بالفسيفساء،
ليست من أحجار ولا زجاج ولا معادن ولا أصداف. بل مربعات لونية متراصة فوق بعضها ممهورة بريشة الفنان.
خصوصية ذاتية
أفكار اللوحات كما تقنياتها أشبه بالمنمنات والأيقونات، وتحمل فلسفة مثلما تحمل هوية فنانها الذي أقام 55 معرضاً فردياً داخل وخارج سورية، ليقول بعدها “أمضيت أكثر من ربع قرن في البحث الفكري والثقافي، والقلق النفسي، والتجريب التقني، الذي مكنني في النهاية من التخلص من الكثير من القناعات والتفاصيل والأهواء، للوصول إلى حال من الرضى والخصوصية الذاتية، التي لا نصل إليها إلاّ بالتجريب ومن ثم التحليق”.
وعن ذاك الشعور بالطفولة الذي يبعثه مرأى لوحاته، يقول جديد “نعم، تبرز لوحاتي كرسوم الأطفال، لأنني أتقصد التقرب من رسوم الأطفال ومحاولة نسيان بناءات البيوت التي رسمتها، لأبدو أكثر طفولية”.
وعن سبب اختياره عنوان معرضه “ذكرياتي ولؤي كيالي” يقول “لأنه لا تغيب عن ذاكرتي رفقة صديقي الراحل لؤي كيالي، حيث تعرفت من خلاله على المناخ الثقافي ورواده في دمشق، ثم تأثرت –آنذاك- بنخبة من الأساتذة”.