ماكرون والإرهاب “المُكَورَن”! بشار جرار – واشنطن

|| Midline-news || – الوسط …
بئس القرار الذي اتخذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اختيار الجزيرة، الراعية الأولى والحصرية والدائمة لخطابات الفرقة والتحريض والتطرف والكراهية والإرهاب في العالم.
باسم العواجل والصور الحصرية انحدرت بالصحافة والأخبار إلى حضيض الإثارة التي تبقى أي صورة مثيرة للرعب والغرائز البهائمية الأخرى أكثر إثارة من الصياح والصراخ والمشاهد الطافحة بالدم على شاشاتها.
لِمَ أنفقَ دافع الضرائب الفرنسي بمن فيهم ذوو الستر الصفراء، ملايين الفرنكات على فرانس ٢٤ ومن قبلها مونتي كارلو العريقة ذات المصداقية العالية قبل حالة التشظي الفطرية (من الفطريات) التي نهشت بعقول وضمائر المشاهد العربي ومن ثم الإسلامي بلغات شتى، حرصَ القائمون على مشروع الجزيرة وأشباهها على التحدث بها كالإنجليزية، ويوما ما “البوسنية” تباكيا على مسلمي البلقان؟!
مع واجب الاحترام لمقام الجالس على كرسي الراحلين ديغول وميتران، لا ينبغي لقائد دولة عضو في أندية الكبار في الردع النووي والسطوة الاقتصادية والمعرفية، أن يجلس على كرسي دوار قصير صغير مخاطبا الرأي العام في بلاده والعالم من خلال منبر ساهم وما زال في التحريض على المسلمين لا الدفاع عنهم كما تدعي الجزيرة، نحن المغتربون والمهاجرون أكثر دراية بمستشرقيهم ومستغربيهم! في كل حملة تحريض قادتها الجزيرة، اتضح بعد أخذ الحملة مداها حقيقة غاياتها الدنيئة.
بعد كل اعتداء إرهابي آثم يقترف باسم الإسلام أو الدفاع عنه، ندفع ثمنا غاليا أقله الحاجة إلى الدفاع عن الدين والتراث والهوية لا بل واتقاء جهل الجاهلين الذين يثأرون من تلك الأفعال المشينة إما باقتراف أفعال مشابهة بحق كل ما هو غريب وليس الإسلاميين أو المسلمين فقط. عرفت عن قرب مسيحيين عرب ومشرقيين من قوميات أخرى كالأرمن والسريان والكلدان والأقباط، في بريطانيا وأمريكا عانوا الأمرّين من وصم الإعلام المحرض أو المتواطئ أو الجاهل لكل ما هو أجنبي الأصل حتى ولو من الجيل الرابع من المهاجرين بمعاداة الوطن الجديد.
ثبت أن صاحب الفخامة، يطلق التصريحات قبل أن يزن كلامه، من الأمثلة السابقة لأزمة الرسوم المسيئة حديثه “الأفلاطوني” عن قيام جيش أوروبي، ثم وعده ووعيده للبنان بأنه لن يترك وحيدا بعد كارثة بيروتشيما! باختصار واحترام، لا يقول الرجل ما يعنيه أو ما يقدر عليه، ليس مؤهلا لقرن الأفعال بالأقوال.
لست أدري من أشار على ماكرون هذه المشورة البائسة، وإن كان هو صاحبها فكان الأجدى لهم الاستقالة حفظا للأمانة إن كانوا جادين في الدفاع عن فرنسا وعن رئيسها وحزبها الحاكم في هذه الأزمة أو لعلها الفتنة الكبرى!
ها هو ماكرون كقادة العديد من دول أوروبا والعالم بأسره يأنّ تحت وطأة كورونا المستجد، سيعبر كوفيد التاسع عشر إلى العشرية الثالثة في القرن الواحد والعشرين. لن ينهي هذه الجائحة إلا حسن تشخيصها وتسمية الأشياء باسمها. هذا فيروس ووهان وطاعون الصين. نفاق العولمة وصوابيتها السياسية المزعومة لم يتحرج من الانفلونزا الاسبانية لكنه يهاب الصين من جرح مشاعرها القومية وهي في حقيقتها شيوعية مستبدة فاسدة.
لن يتمكن ماكرون من مواجهة الإرهاب المكورن ما لم يسمّ الأشياء بأسمائها. يرفع مناعة بلاده من الإرهاب، يجفف مستنقعاته ويجتث كل ما تكوّر من فايروسات وبكتيريا وطفيليات في بلاده. عليه أن يبدأ الآن بالإعلام المقيم والعابر للفضاءات. عليه أن يعزل، يحاكم ويُرَحِّل إن تطلب الأمر دعاةَ الكراهية من الأئمة المستوردين من تركيا أو أولئك الذين يشكلون طابورا خامسا في قلعة العلمانية ومنارة الحداثة في القارة العجوز.
عليه أن يتعلم الدرس من خصمه اللدود سلطان العثمانيين الجدد رجب طيب إردوغان. ها هو يهدم علمانية تركيا من الأعلى بعد أن نخر في قواعدها جالسا على كرسي بلدية إسطنبول وخلفه صورة مصطفى كمال أتاتورك يضحك بها على الزائرين الدوليين لـ”سماحته”َ!