لقية هامّة في مصر … (ترجمة: حيّان الغربي)

لقية هامّة في مصر … (ترجمة : حيّان الغربي) أوين جاروس
العثور في مصر على أكبر خبيئة تحنيط من التاريخ الغابر.. فقد اكتشف علماء الآثار في مصر ضريحاً يعود تاريخه إلى 2600 عام، والضريح لرجلٍ ذي مكانةٍ مرموقة- قائد المرتزقة الأجانب “واح ايب رع- مري- نيت”.
كشف النقاب عن خبيئة التحنيط التابعة للقبر في العام 2021، وهي تضم ما يزيد على 370 آنيةً فخارية كبيرة تحتوي على المواد التي استعملت في تحنيط القائد، وبالتالي تعدّ هذه أكبر خبيئة تحنيط من نوعها مما عثر عليه في مصر وفقاً لتصريح أدلى به أعضاء فريق مكوّن من باحثين مصريين وتشيك. وقد وجد القبر مدفوناً في أبو صير على بعد بضعة أميال إلى الجنوب من مقبرة سقارة الكبيرة. وكانت مومياء واح إيب رع- مري- نت قد تعرّضت للسرقة من قبل لصوص المقابر في حقبة سابقة، بيد أن علماء الآثار نجحوا في تحديد موقع بقايا تابوته الحجري، الذي نقشت عليه كلمات بالهيروغليفية.
لقية هامّة في مصر
حدّدت النقوش هوية صاحب القبر كما أوردت مقتطفاً من الفصل 72 من كتاب الموتى يصف: “قيامة الميت ومغادرته إلى العالم الآخر” وفقاً للتصريح المذكور. وبحسب التصريح أيضاً، لقد تولّى واح إيب رع- مري- نت بحكم منصبه كقائدٍ لقوات المرتزقة في مصر القديمة “الإشراف على المرتزقة القادمين من جزر بحر إيجة وآسيا الصغرى وقيادتهم”. وقد عاش القائد واح إيب رع- مري- نت أواخر حقبة الأسرة السادسة والعشرين (ما بين العامين 688 و525 قبل الميلاد تقريباً) أو مع بداية الأسرة السابعة والعشرين (ما بين العامين 525 و404 قبل الميلاد) كما ورد في التصريح. وفي حين تمتّعت مصر بالاستقلال إبان حقبة الأسرة السادسة والعشرين، إلا أن الفرس غزوا البلاد وبسطوا سيطرتهم عليها خلال حكم الأسرة السابعة والعشرين. وعلى الرغم من تنامي النفوذ الأجنبي، إلا أن واح إيب رع- مري- نت يبدو مصري المحتد كما يتبين من اسمه فضلاً عن اللقى التي عثر عليها في قبره، وفقاً لما علمت به لايف ساينس عبر رسالة الكترونية تلقتّها من ميروسلاف بارتا، مدير بعثة التنقيب الأثري التشيكية في مصر. غير أن الشكوك ما زالت تكتنف أسباب دفنه مع أكبر خبيئة تحنيط مكتشفة من مصر القديمة. وفي هذا الصدد يقول بارتا: “إنه لسؤالٌ صعب وعصيّ على التحليل في هذه المرحلة”.
لقية هامّة في مصر
ودفن مع القائد 402 تمثال أوجيبتي من الخزف المزجج، وقد آمن المصريون القدماء بأن تماثيل الأوجيبتي كانت تقوم على خدمة الميت في العالم الآخر، ولذلك إنه لمن الشائع العثور عليها في القبور المصرية. وقد شملت اللقى أيضاً تميمة جعران القلب، وهي تميمة بقشرة فخارية نقش عليها المزيد من الرقيات من كتاب الموتى. ردود أفعال الباحثين تواصلت لايف ساينس مع عدة باحثين غير مشاركين في هذا البحث للاطلاع على أفكارهم بشأن اللقى والموضوع بصورةٍ عامة، وقد رأي جميع المستمزجة آراؤهم أنه اكتشافٌ هام حقاً، فعلى سبيل المثال، أفاد غونتر فيتمان، بروفيسور علم المصريات في جامعة يولويس مكسميليان في فورزبيرغ بألمانيا، لايف ساينس عبر البريد الالكتروني قائلاً: “إنه اكتشافٌ هامٌّ وجديرٌ بالحفاوة حقاً، وإن لم يكن فريداً من نوعه في تلك المنطقة، فما زال التشيك يعملون في أبو صير لما يزيد على عشرين عاماً، وقد اكتشفوا العديد من أضرحة مسئولين كبار من أواخر الأسرة السادسة والعشرين وبواكير الأسرة السابعة والعشرين”.
لقية هامّة في مصر
لعلّ حياة هذا القائد ستتباين بشدة وفقاً للفترة التي عاش خلالها: “أعتقد أن واح إيب رع عاش معظم حياته، وربما كل حياته، خلال حقبة الأسرة السادسة والعشرين” على حدّ تعبير بنجامين سوليفان، المحاضر في التاريخ القديم في جامعة ولاية أريزونا، لمجلة لايف ساينس عبر البريد الالكتروني، فقد شكك بنجامين في أن القائد كان ليتفاخر بشغله منصب “قائد المرتزقة الأجانب” لو أنه عاش خلال حقبة الأسرة السابعة والعشرين، وهي الفترة التي شهدت غزو الفرس لمصر وتسيّدهم عليها. علاوةً على ذلك، نوّه سوليفان إلى أن استخدام هذا اللقب كان أكثر شيوعاً في ظل حكم الأسرة السادسة والعشرين. كما نوّه دانييل جوميز- كاسترو، المؤرخ الذي أصدر الكثير من الأبحاث والأعمال حول المرتزقة الإغريق في العالم القديم، إلى أنه لمن المثير للاهتمام عدم احتواء القبر على أي صنف من الأسلحة. وبالتالي، يحتمل أن واح إيب رع لم يكن قائداً مقاتلاً أو ميدانياً وإنما كان مسئولاً سياسياً تولّى مهامّ إداريةً مثل ضمان دفع أجور المرتزقة على حد تعبير جوميز- كاسترو. فلو أن واح إيب رع عاش خلال زمن السيطرة الفارسية على مصر لأمكن أن يكون من أقارب أحد “الحكّام”، وهو شخصٌ كان يعيّن من قبل الفرس ويتمتّع بشيء من الصلاحيات والنفوذ على الصعيد المحلي.
لقية هامّة في مصر
وأفاد ستيفان بفايفر، بروفيسور التاريخ القديم في جامعة مارتن لوثر في هاله- فيتنبرغ بألمانيا، لايف ساينس عبر البريد الالكتروني: “إذا كان القبر يعود بتاريخه إلى حقبة السيطرة الفارسية بالفعل، لاعتبرناه بمثابة توضيح على أن ثقة الفرس برسوخ سيطرتهم وقوة حكمهم بلغت حداً جعلهم يولون مسئوليةً هامةً كهذه إلى الوجهاء والأعيان المحليين”. وأردف بفايفر مؤكداً على أنها ليست المرة الأولى التي يفعل فيها الفرس ذلك، فقد تم العثور على قبرٍ لمصريٍ اسمه اودجا حورس نت يعود تاريخه إلى الحقبة الفارسية، وقد كان الرجل ضابطاً كبيراً لدى الفرس.
.
*شاعر ومترجم- سوريا
لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews