رأي

لا تجعلوا أعيادكم تسقط بالتقادم .. بقلم مازن عجيب

|| Midline-news || – الوسط ..

هي بضع أسئلة مشروعة لاتمت الى الطائفية بصلة ، ولا يفوح من بين كلماتها أي رائحة للتعصب ، بل على العكس هي دعوة صادقة لترويج ثقافة الحياة و الفرح في مواجهة ثقافة الخوف والتطرف ، ومحاولة جريئة لتصحيح الفهم الخاطيء لمعنى الالتزام بالاخلاق .

لماذا لا نجعل عقولنا هي الفيصل وهي الحكم في كل قضية قد تختلط علينا ، عندما تتداخل في تفاصيلها مواضيع التحليل والتحريم وغضب الألهة من دون نص واضح أو تشريع إلهي .

وأعجب كيف نقارع جهابذة العلم في نقاشات عقيمة ، في الوقت الذي تنعدم ثقتنا بإمكانية عقولنا على تمييز ماهو خاطىء عما هو صواب في تفاصيل صغيرة بحجة التعصب والانقياد .

ما الذي يمنعنا من أن نكون منابع للطاقة الإيجابية وللفرح العفوي في جميع أعيادنا ومناسباتنا ، وكأننا نخجل من أن نكون نحن كما يجب أن نكون ، بشرٌ لدينا رغباتنا وجنوننا وطفولتنا وطاقاتنا الكامنة التي تحتاج لأن تنفجر بلحظة صدق ومصالحة مع واقع أقل ما يمكن أن نصفه بأنه مكبل بقيود التقاليد البالية والتراث العفن .

لماذا حكمنا على أنفسنا وعلى طقوسنا وأعيادنا بأن تُجهض في مهدها قبل أن تتلمس طريقها نحو الحياة ، و استسلمنا لفكرة ان جميع أعيادنا ومناسباتنا يجب أن ترتبط بحزن لا أجد له مبرراً في لحظات مروره العابر من كل عام بدءاً من الأضحى مروراً بالفطر و صولاً إلى رأس السنة الهجرية وغيرها من المناسبات التي لا نجد مناصاً من ربطها بالخوف بالحزن ، بالتزمت ، بالدين الذي نفتخر بانتماءنا له ، ونتشرف بممارسة تعاليمه في كل يوم من السنة ، ولم أجد به ما يمنع من أن أعيش لحظات الفرح والعيد يكل بساطة و يسر .

إن التزامي الديني يجب ألا يحرمني من أن أعيش كإنسان طبيعي ، يأكل ما لذ وطاب من الطعام ، ويفرح بلقاء الأحبة والاهل والاصدقاء ، ويلعب كرة القدم ويلبس الجينز ويستمع الى أغنية جميلة ويصفق بسعادة لفوز فريقه في لعبة رياضية ، و يغني بكل براءة في عيد ميلاد أحد أصدقائه ، لماذا يحاول البعض ممن يرفضون تشغيل عقولهم تصوير الحياة بهذه الطريقة على أنها خاطئة .

لا أستطيع أن أخفي إعجابي عشية عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية بهذا الكم الهائل من التحضيرات والاهتمام والطاقة الإيجابية التي تنتشر في الأجواء ، ألوان رائعة ، وأضواء تشع بالحياة ، طقوس تبعث الأمل وتستفز كل ما هو جميل في دواخل النفس البشرية ، دعوات للحياة وأنا على ثقة أننا وبرغم هذا الزحام نستطيع أن نتلمس بُعداً روحياً لا يمكن أن يغيب ، والتزاماً بأخلاقيات لا يمكن فصلها عما نسعى جميعنا لتحقيقها ، بكل ما يمكن أن تستوعيه من معان رائعة من القيم ، محبة وتسامح ومساعدة المحتاجين , ورعاية المسنين واليتامى ، إلى ما هنالك من نشاطات اجتماعية لا تنفصل عن حقيقة وصميم الدين السمح , و فوق كل هذا يمتلكون الوقت الكامل للفرح و للرقص و للغناء و للسهر ، بكل بساطة هذي هي الحياة .

العقل هو إمكانية الفصل بين الخطأ و الصواب ، هو القدرة على التمييز بين ماهو مفيد وبين ما هو ضار ، هو الحكم على حقيقة الأمور وليس على ظاهرها ، هو باختصار ، تغليب ثقافة الحياة على ثقافة الموت .

*كاتب من سوريا
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى