ربيع بغداد الخماسيني .. بشّـار جرّار – واشنطن ..

ربيع بغداد الخماسيني ..
لم يكن بأي حالٍ ربيعاً، وإن حلّ في أبريل .. وما كان أيضا تحريراً ولسان حاله نيسان ..
كذبةٌ كبرى، القول بأن ما جرى قبل تسعة عشر عاماً، كان خشية ًمن أسلحة الدمار الشامل بيد طاغيةٍ طامحٍ طامع.
وفِريّة أكبر، القول إن إسقاط تحالف دولي ثلاثيني بقيادة أمريكا كان بمثابة تحرير للعراقيين وانتصاراً لثورتهم على العادل المستبد أو الفاسد المستجد.
الراحل صدام حسين كان أقرب الحلفاء، على الأقل على مدى ثماني سنوات من حرب ضروس مع إيران الخميني. ما من شك في جسارة صدام واستبسال الجيش والشعب العراقي في الدفاع عن “الجبهة الشرقية” للـ”الوطن العربي”، لكن المد والعون الخليجي والأمريكي والفرنسي كان سبباً رئيسياً في صمود العراق و”احتواء” إيران، كان احتواءً مزدوجاً لا ريب فيه، ربما ما زلنا نعيشه واقعاً مع قرب الإعلان عن نجاح مفاوضات فيينا.
“فوضى خلّاقة”، ما كان أن تقوم لها قائمة سوى على حطام بغداد وهشيم العراق، فوضى تم تخليقها في “الصدمة والترويع” اسم الحملة التي سجلت ألف غارة على بغداد وحدها في أول أيامها الدامية، صدمةٌ ما زالت ارتدادات ترويعها تنتظر رجع صداها حتى بعد عقد من “الربيع العربي” المشؤوم، صدمةٌ تصر إدارة أوباما الثالثة والأخيرة بعون الله على إعادة استنساخها أوروبيا وفي الحديقة الخلفية لمنافسيها الرئيسيين روسيا والصين،
بالأمس في أفغانستان واليوم في باكستان، يبدو أن الانسحاب الكارثي لم يكن عفوياً ولا اعتباطياً، ثمة فوضى خلّاقة أكثر مسخاً وشراسةً يتم السعي الحثيث إلى تحقيقها عبر الإطاحة بعمران خان في أعقاب انسحابٍ خلَّف سلاحاً بخمسةٍ وثمانين ملياراً في أيدي طالبان 2022!.
قرار حل الجيش العراقي كان أكبر الأخطاء، أو لعلها الخطايا، من قبل، كان تدويل الصراع، الإثم الأثيم، تم الإصرار على إفشال أي مسعى عربي لاحتواء صدّام أو ردعه بعد استعصاء استرضائه.
دوَّلوا حرب “التحرير” وإسقاط النظام، وكذلك فعلوا في “الجهاد والمقاومة” لطرد المحتل .. مقاولةً شارك فيها الجميع في استدراج واستجلاب كل مختل ومتطرف وارهابي باسم الله والوطن! ذبحوا كل شيء مقدس ودنَّسوا القيم والأخلاق بعدما أوغلوا في دماء الناس وأعراضهم وأموالهم.
لم تسلم الأعراس ولا الأتراح. حتى المقابر لم تنجوا مما طال الكنائس والمساجد والحسينيات من أذى. الذبح على الهوية لمن أخطأ بعدد الركعات أو أداء الآذان.
بلغ التوحش حدَّ أن يتباهى “الإعلام الحر” بالدفاع عن المتطرفين المعتدلين مقابل الارهابيين المفرطين في التوحش حتى انحدر الجميع إلى درك حرق الأسير حيا كما جرى للشهيد البطل الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
وحتى يومنا هذا بعد نحو عقدين من “تحرير العراق” ثمَّة من يُـصـر على التيه الخماسيني متسائلاً أيهما الأسبق بالإرهاب وأيهما الأولى بمحاربته!؟.
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter