ثم ماذا؟ .. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …
.
ثم ماذا؟
لعله السؤال الأكثر جدلاً في مقاربة المعيش واليومي النازف والحارق بآن.. لا سيما في أزمنة الأوبئة بكافة تجلياتها ومظاهرها…
هذا السؤال الذي عرفته ذاكرة القراءة في الكتب والأبحاث العلمية وتجارب الفيزياء والرياضيات والكيمياء وعلم الفلك، في زمن مضى تحت عنوان باذخ (الرياضيات المسلية.. الفيزياء المسلية) مثلاً، لكن للسؤال ذاته ضفاف أخرى مازالت تمثل محكي يومياتنا، فالمابعد أصبح هاجساً أساسياً يدور في خلد الناس فكل سؤال يعني حقيقة أو نفيها بالضرورة، ذلك التعالق بالانتظار، ولعله في المقلب الآخر ما يوازي فيلماً باهراً كان اسمه (الميل الأخضر).
فيلم صاحب شجون كثيرة لكن خلاصتها تقوم على السلوك في الربع الساعة الأخيرة من الوقت، ودائماً نحن في إثر ذلك الميل ننتظر وكأنما أصبح الانتظار ثيمة وقتنا ونكاد نهنئ أنفسنا بنيل حصصنا من الضوء والهواء والكلمات، والتنفس بطلاقة في الطبيعة مروراً عابراً أو إقامة مؤقتة، وربما في كتاب نختاره بعناية لنتنفس حروفه المورقة لأكثر من زمن. سياق سيستدعي معه ذلك العمل الدرامي الاجتماعي بامتياز (مبروك) –الذي لا نملّ من تكراره- لا سيما شارته الدالة جداً وجداً كلمة كلمة، بزخمها وبتماثلها مع يومياتنا التي تكاد تشبه رواية مفتوحة بلا ضفاف، إذ تتنازعنا أدوار البطولة لكنها بطولة جماعية بما يكفي، إذ الفرد محض رمز مازال في ترتيب سلم أولوياته بين القمح والورد وما بينهما بين زمن الكتاب وزمن الشابكة، لكن الأدل أيضاً هو الرغيف والضوء والدفء.
تلك المفردات التي تواسيها اللغة بتطير الأجيال إلى اقتناص زمن آخر ، إذ تتخاطفهم خيالات وثيرة ليس تصعيداً كما وقر في المعجم النفسي، وليس ردماً لفجوات محتملة في نص الرواية الجماعية بل أكثر من ذلك بما يعني فلسفة الاحتياج للذات وللآخر، وكيف تقوم العلاقة بينهما ليتراسلا بلغة هي أقرب إلى لغة القلب لا لغة الأرقام وجنون الأسعار، وفي زحمة الكلمات المتقاطعة، ثمة من يقول لك بامتلاء وثقة:
نحن محكومون بالألم. لكن آخرون على النقيض من ذلك سوف يجهرون بجملة أثيرة:
نحن محكومون بالأمل، وكلاهما على حق.
إن الألم والأمل هما جدلية الكائن/ الإنسان عبر العصور والأزمنة والأوقات العصيبة، فأن تتقدم واحدة على الأخرى، لا يعني الحقيقة كاملة فكلاهما حقيقتان في جسد الكلام لأن الأمل صناعة والألم قدر.
.