العناوين الرئيسيةكشكول الوسط

تنجز لوحاتها بأساليب بسيطة وتقنيات جميلة.. فايزة الحلبي: رسائلي التشكيلية يتلقفها المتلقون على اختلاف مشاربهم

أعلّم الأطفال الرسم لتنمية مواهبهم ونشر الفن والجمال

|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس 

.

حين تجلس في مرسم الفنانة التشكيلية فايزة الحلبي لمحاورتها، فاستعد للتطرق إلى عدة محاور. فالحلبي لا تكتفي بوصفها فنانة نشطة مثابرة. وإنجاز لوحات متنوعة الأفكار، ليس هاجسها الوحيد. فيومها مليء بالبرامج الخاصة بتعليم الصغار أسس الفن التشكيلي، وتدريب اليافعة وتعريفهم إلى المدارس الفنية المتعددة.
إلى ذلك، لا تكتفي التشكيلية الجميلة بكل هذه المهام التي تتصدى لها بحب وإيمان بالفن والجمال الذي يشيعه، إذ لا يمكن أن يُقام معرض فن تشكيلي في دمشق دون أن تزوره وتطلع على الأعمال الفنية، وتشارك الزملاء أفراحهم وكذلك تناقش طروحاتهم اللونية.
فايزة الحلبي.. التي قدمت العديد من المعارض المشتركة والفردية، عاشقة حقيقية للفن، حوّلت مرسمها، بما فيه من جغرافية وتاريخ لخدمة الفن وأهله، حيث تستضيف اسبوعياً جلسة فنية “صالون ثقافي فني” ترحب بزميلاتها وزملائها، وتتبادل الآراء معهم، وتقف معهم على جديد الفن في البلاد وحول العالم. ويطلق عليها الصغار الأم الروحية، والكبار يلقبونها الابنة الروحية.
وبين هؤلاء وأولئك تبدو فايزة الحلبي بعواطفها النبيلة: الحارس الأمين على الفن والفنانين.

“بداية أولى”
كيف تنبهتِ إلى أنك موهوبة في الرسم؟ عادة ميول الطفل اكون واضحة لمن حوله؟

  • هذا صحيح، بدأت هوايتي في الرسم منذ المرحلة الإبتدائية، حيث تنبهتْ إلى ميلي للرسم بشكل جميل، معلمة مادة الرسم، فنمّت موهبتي وشجعتني لأنني كنت أحب الرسم أكثر من الدراسة! يقول والدي “إن جدي كان فناناً يرسم بواقعية مبهرة دونما أن يتعلم. أي بالفطرة”. لكن عمتي درست الفنون وكذلك أولاد عمتي درسوا الفنون. ويبدو إلى جانب عشق الفن التشكيلي أدت الجينات الوراثية دورها في انتقال حب الرسم إلي.

من ساهم في صقل تلك الموهبة المبكرة لديكِ؟

  •  في سن الشباب، لم أتابع دراسة الفن بشكل أكاديمي. لسبب مهم هو ارتباطي بالزواج وتفرغي لتربية أطفالي. الذين بدوري عملت على صقل موهبة الرسم  لديهم. وصرت أتدرب وأتابع معهم دراسة الفن أكاديميا في “مركز أدهم إسماعيل” قبل حوالى ١5 سنة. ومنذ تلك الفترة لم أترك الفن التشكيلي. وانغمست فيه أكثر وفي كل لوحة وكل تجربة أصقل موهبتي، لأن شغفي بالتشكيل لا يتوقف.

“مشاركات جماعية”
حدثينا عن مشاركاتك في المعارض الجماعية، ومعارضك الفردية؟

  • شاركت بعدة معارض خلال سنوات اشتغالي بالفن التشكيلي، بهدف التعريف بفني وهوايتي وهويتي، وأيضاً لتبادل الخبرات مع زميلاتي وزملائي الفنانين، والإطلاع على تجارب الآخرين. جماعية في “دار الأوبرا- ثقافي العدوي- ثقافي أبو رمانة- ثقافي كفرسوسة- تكريم الفنان عبد المنان شما- تكريم الفنان محمد علي الحمصي- معارض تحية للجيش العربي السوري في صالة الشعب- معرض ثقافي في برزة- تكريم الفنان الناقد أديب مخزوم- معرضين في مدينة المعارض- معرض مشترك للحزب القومي السوري(بمناسبة عيد رأس السنة السورية) مشاركات مع معارض للشباب في خان أسعد باشا- معرض الخريف السنوي- مهرجان “نحنا هون”- مهرجان ملتقى الشام لأبناء الشهداء- سلام من دمشق إلى حلب- معرض للشباب: حالات انتظار- معرض للشباب: غسق. معرض للشباب: شفق. ومعرض تيارات وأجيال- معرض حملة توعية للكشف عن السرطان المبكر. فضلاً عن مجموعة معارض مشتركة أقيمت في عدة صالات.
    والحقيقة فإن جملة هذه المعارض المشتركة هي التي هيأت لأن أطلق معارض فردية لي.

“ذاكرة ولون”
معرض “امرأة من ذاكرة ولون” نال استحسان النقاد وإعجاب الجمهور، إذ ثمة من أشار إلى تطور كبير في تجربتك الفنية؟

  • بالنسبة لمعرضي الفردي “امرأة من ذاكرة ولون” جسدت به مشاعري وآرائي تجاه الأنثى ببلدي خلال فترة الحرب وبعدها.. فالمعرض حصيلة عمل أربع سنوات، تطورت خلالها تجربتي الفنية، حيث كنت أرسم مواضيع وأفكار واقعية ولوحات دمشقية. هذا ما قبل الحرب، لكن من خلال المعاناة  والحزن والألم، في مقابل القوة والثبات والأمل، كان لا بد من تحول في تجربتي، وعكس المعرض ذاك التحول.

حين يقال “تطورت التجربة” هذا يعني أنها انطلقت إلى آفاق أرحب، أو ربما مدارس فنية مغايرة أو حالات مبتكرة. صحيح؟

  • لأن الفن لا يقتصر فقط على نقل الواقع المباشر، ابتعدت قليلاً عن المدرسة الواقعية، فنحن قد نرسم الأحاسيس والمشاعر أيضاً. لذا اتجهت في معرضي الفردي نحو التعبيرية، لأنشر بشكل غير مباشر آرائي اللونية. طبعا الوجوه التي خطتها ريشتي على اللون الأبيض للوحة هي أحاسيس صادقه من حب وفرح وتفاؤل، وحزن وتعب ودهشة وصدمة. أي تضاربت المشاعر وعجنت بوجوه الأنثى لتصل بالنهاية للمستقبل.

“مدارس فنية”
نتلقى لوحاتك كمتابعين لفنك، فنجدها تجمع عالمين أو مدرستين، كما لو أنها مزيج من الواقعية والتجريدية؟

  •  نعم كانت تجربتي تركز على المدرسة الواقعية، فقد اكتسبتها ممن حولي، ممن أراهم كل يوم في الشارع والمرسم والمكتبة والمركز، من كل أطياف المجتمع.. إنها المرأة السورية وقد جردتها ببعض اللوحات لتصل إلى التعبيرية، من حيث الألوان التي عبرت بها عن الفرح والحب والحزن لتصل اللوحة إلى المتلقي العادي.

ما الذي تريدين قوله عبر أعمالك الفنية؟ لا شك لديكِ رسالة ما؟

  • طبعاً لدي رسالة، هي الإنسان.
    وقد استطعت توصيل أفكاري التشكيلية ورسالتي الفنية حيال الإنسان بمختلف حالاته وآماله، بأساليب بسيطة وتقنيات جميلة، بحيث تلقفها المتلقون على اختلاف مشاربهم.

“تدريب الصغار”
يُشار إليكِ على أنك شغوفة بالفن، إلى حدّ أنك تقومين بتعليم هواة الرسم من يافعين وشبان عبر دورات متتالية، فهل ساهمتِ في إقامة معارض لهم؟

  • أنا أحب الفن والفنانين جميعاً.. وأحب نشر الفن الجميل لنرتقي إلى مصاف مجتمع مثقف واع حساس محب. لذلك انطلقت لتعليم الرسم في عدة مراكز، مجاناً دون مقابل. أمضيت أكثر من عقد أقيم -وما زالت- دورات في الرسم، بدءاً من عمر ٤ سنوات أي قبل أن يتعلم الطفل الكتابة! فمن تعلم رسم الخط سيتعلم الكتابة بسهولة. وهكذا حاولتِ أن أنشر الفن الجميل والألوان المنعشة لدى الأطفال، ليكبر الفرح واللون معهم. كما أنني أشرف على إقامة دورات لليافعين من مختلف الأعمار في مرسمي، ولمست إقبالاً كبيراً على تعلم الفن في منطقتي بدمشق القديمة. فتابعت بإقامة بعض الدورات في المدراس كنشاط بعد دوام المدرسة. كما عملت مع مشروع “بكره إلنا” لمحافظة دمشق. وكانت تجربة ناجحة جداً، حيث كان توقيتها بعد دوام الطلاب (فترة ما بعد الظهر) لتنمية المواهب.
    ولأن النتائج كانت رائعة، أقمت معارض لتلك المجموعات، وقد سعى مدير المشروع محمد السباعي على نشر الفن والجمال والخير والود، ورفع مستوي الثقافة الفنية لدي الطلاب، فضلاً عن تعزيز حب الوطن وقائده من خلال مشروع “بكره إلنا”.
    كما أشرف على إقامة معارض لفئة الشباب المنسيين من الخريجين الجدد!  أو الهواة الذين لا يتسنى لهم المشاركة بالمعارض وطرح أعمالهم للمتلقي! وأشرف على تدريب فئة منهم. وهدفي نشر الفن على نطاق واسع وعام. فعندما كنت بعمر هؤلاء الشباب لم أجد من يساندني –بصراحة- لذلك أسعى جادة لمساعدتهم ودعمهم.

 

“المرأة الفنانة”
أصدقيني الإجابة أستاذة فايزة: هل تعاني الفنانة بوصفها امرأة أو أماً في عالم الفن التشكيلي؟ من حيث إقامة المعارض والاقتناء وتحقيق الشهرة؟

  •  تعاني المرأة بوصفها فنانة من مجتمعها ومن عائلتها الصغيرة! حيث يرفضون أن تخرج موهبتها للعامة، وإن خرجت فقد تُصادر أفكارها ورؤاها! وقد يتم اقتناء أعمال الفنان أكثر من عمل الفنانة! كما يحصد الفنان شهرة أوسع! وأحياناً تكون هناك ذرائع مضحكة، كأن يقال الأنثى لديها واجبات أخرى كأم وزوجة وربة منزل تعيق انتشارها بشكل كبير!
    بصراحة تامة.. عانيتُ شخصياً من بيئتي الدمشقية كثيراً، وبذلت جهوداً كبيرة وتابعت وناضلت في درب الفن إلى أن اقتنع بي المعنيون بالفن التشكيلي والزملاء وأبناء منطقتي. خاصة من خلال تدريسي للأطفال الرسم والفنون الأخرى ونجحت بإقناع فئة كبيرة منهم بأن الفن جمال وحب وخير وحياة. وبتّ أنقل هذه الفنون الحضارية الجميلة إلى الصغار والناشئة، وأدعوهن إلى حضور المعارض والفعاليات الفنية، لتأصيل حب الفن.

 

“على الدرب”
تقريباً معظم أبنائك اتجهوا إلى عالم الفن.. بصراحة: هل ورثوا عنكِ حب الفن وموهبته؟ أم أنهم مالوا إلى التشكيل والنحت تلبية لكِ؟

  • نعم لقد اتجه كل أبنائي اناثاً وذكوراً إلى الفن، حيث عملت على تدريبهم وصقل مواهبهم -كما قلت لك- وذلك قبل دخولهم للمدرسة بعد أن لمست لديهم الموهبة بشكل واضح جداً. فقد كانت طفلتي الأولى ترسم وهي بعمر٣ سنوات بشكل واضح وجميل وشغف.. وعندما كبروا اتجهوا لدراسة الفنون أكاديمياً. لهذا أقمت المرسم كي نمارس الفن التشكيلي ونتدرب ونقيم أعمالنا فيه.. فكان مرسمي “فيروز” الذي ضم ورشات العمل العائلية بشكل يومي. وها هو ابني يامن طالب أكاديمي في الفنون.

“جلسة فنية”
مرسمك الجميل “فيروز” يستقطب كل اسبوع نخبة من أهل التشكيل والثقافة والإعلام، كصالون فني اسبوعي، ألا تفكرين في إطلاق كتاب يضم أهم الأفكار والآراء والذكريات التي احتضنتها جدرانه؟

  • يستضيف مرسمي كل اسبوع جلسة فنية لنلتقي بالفنانات والفنانين التشكيليين، بصحبة شعراء وكتّاب وصحافيين.. كملتقى ثقافي فني وأدبي. نتناقش في شأن التشكيل والنحت والشعر والقصة وأمور ثقافية عدة. وأنوي حقيقة جمع أهم الآراء والأفكار والنقاشات الجادة الرائعة التي ترفد الحركة الفنية التشكيلية في كتاب يضم ذكرياتنا الجميلة والمثرية والفعالة. لهذا أتمنى أن ينتشر مشروعي ويكبر ويثمر ندوات قيمة، تعكس مكانة الفن والفنانين العالية الغالية.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى