تركيا تعلن تخفيض أموال “الائتلاف المعارض”

في الوقت الذي يعيش فيه ما يسمى “الائتلاف المُعارض” أزمة مالية خانقة أدّت إلى توقّف معظم نشاطاته، أعلنت أنقرة تخفيض التدفّقات المالية له والبالغة 250 ألف دولار شهرياً بشكل حادّ.
وتحدثت مصادر سورية معارضة، أن تركيا توصّلت إلى قناعة أن “الائتلاف المعارض” لم يَعُد أكثر من “ثقب أسود” يستهلك الموارد بلا طائل.
وأشارت المصادر، إلى أن الأحوال التي وصل إليها “الائتلاف”، حرجة وقد تؤدّي إلى وأْده، لافتة إلى وجود توجُّه تركي جادّ لإنهاء “الائتلاف” بشكل تدريجي، في ظلّ وجود هيئات أخرى أكثر فاعلية، وذات تأثير حقيقي على الأرض، مِثل “المجالس المحلّية” التي انهمكت تركيا في تأسيسها، و”هيئة التفاوض” التي باتت تمثّل الواجهة “الرسمية للمعارضة السورية” في المحافل الدولية، إلى جانب “الحكومة المؤقّتة” التي باتت تعمل بشكل مستقلّ عن “الائتلاف” رغم أنها وُلدت من رحِمه.
إضافة لذلك، لفتت المصادر المعارِضة، إلى أن أنقرة لمست رفْض دمشق التعامل مع “الائتلاف” أو الاعتراف به ممثِّلاً عنها، وميلها إلى التعامل مع “هيئة التفاوض” التي تمثّل شرائح أوسع، وتحدثت المصادر عن مسألة محاولات أميركا جذب “الائتلاف” إلى صفّها، قائلة: “يبدو أن تركيا توصّلت إلى قناعة أن الولايات المتحدة لن تستمرّ في هذه الخطوات، في ظلّ وجود بدائل أكثر قوّة على الأرض، ما زالت تتحكّم بها أنقرة”.
وأضافت المصادر: لعل ذلك هو ما يفسّر التوجّه الأميركي نحو توسيع قنوات التواصل مع المجتمع المحلّي، والسعي لخلْق توازن عربي- كردي في مناطق “الإدارة الذاتية”، التي يخضع معظمها للسيطرة الأميركية.
إضافة إلى منطقة التنف التي أعادت واشنطن هيكلة الفصائل الموجودة فيها، إلى جانب المحاولة الأميركية الحثيثة لإيجاد معارضة جديدة تنشط من داخل الولايات المتحدة، بالاعتماد على عدد من الأميركيين من أصول سورية كواجهة سياسية تُحضّرها واشنطن للمرحلة المقبلة.
وختمت المصادر بالقول: بالنتيجة لم يَمت “الائتلاف” بعد، ورغم محاولات بعض أعضائه إعادة تأمين التدفّقات المالية اللازمة لاستمراره، إلّا أن هذه المحاولات لن تؤدّي إلى أيّة نتائج طيّبة، وحتى لو آلت إلى توفير تدفّقات جديدة، فستكون هذه الأخيرة بمثابة “مخدّر مؤقّت”، لن يقي “الائتلاف” النهاية الحتمية المتمثّلة في حلّه نهائياً، بعد ثبات فشله طيلة السنوات الماضية.
يذكر أن الأزمة المالية “للائتلاف المعارض”، كانت بدأت قبل نحو ستّة أشهر، إثْر قيام تركيا بقطْع مصادر التمويل عن “الائتلاف” على خلفية فتْحه قنوات تَواصل مع جهات خارجية، من بينها الولايات المتحدة، ثمّ عاد هذا الشحّ وانحسر نسبياً، مع استئناف أنقرة تمويل حليفها السوري خلال الشهرَين الماضيَين، بعدما حصلت منه على تعهّدات بعدم الانخراط في أيّ مشروع سياسي من دون العودة إليها.
ونتيجة الأزمة المالية، تمت عملية مساءلة داخلية بين أعضاء “الائتلاف” والهيئات التابعة له، للبحث في أسباب الوصول إلى هذه المرحلة، وكشفت التحقيقات عن العديد من ملفّات الفساد المالي، ومن بينها صرف رواتب ومكافآت غير منطقية لعدد من الأعضاء، إضافة إلى صرف فواتير إقامة وتنقّلات سياحية لآخرين تحت ستار “الجولات السياسية”، الأمر الذي أدّى إلى فقدان معظم أموال “صندوق الاحتياط” الخاصّ بتأمين التدفّقات المالية في حالات الطوارئ.
كما أدت الأزمة المالية التي يعانيها “الائتلاف”، إلى وقْف صرْف رواتب الموظفين، إضافة إلى تراكُم إيجارات عدد من العقارات التي يتمّ استعمالها كمكاتب ربط، فضلاً عن عدم التمكّن من دفع تكاليف حجوزات لازمة لعدد من الاجتماعات، من بينها اجتماع دوري لـ “الهيئة العامة”.