تجارة الكربون و دورها في خفض الانبعاثات الغازية
م.رفــــــاه روميـــه ..
|| Midline-news || – الوسط ..
لقد كان للتطور الصناعي الهائل و التوسع السريع في شبكة المواصلات الذين يعتمدون بشكل أساسي على الوقود الأحفوري بأشكاله المختلفة في عملهم أثر ضار على البيئة و دور أساسي في التغير المناخي الحاصل في مختلف أرجاء هذا الكوكب ، فما يحدث من أعاصير و فيضانات مدمرة ليست إلا إنذار من الطبيعة على حدوث خلل مناخي قد سببته هذه الغازات السامة الناتجة من عمليات الاحتراق الضرورية لسير عمل مختلف الصناعات ، فارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي و ماله من دور في ظاهرة الاحتباس الحراري قد أثار مخاوف و قلق المنظمات العالمية التي تعنى بالتغيرات المناخية وأمور البيئة مما دفعها لعقد العديد من المؤتمرات الدولية و وضع عدة اتفاقيات للحد من الانبعاث الكربوني .
اتفاقية كيوتو
من بين هذه الاتفاقيات كان بروتوكول كيوتو الذي تم التوقيع عليه في اليابان عام 1997 من قبل 195 دولة و دخل حيز التنفيذ عام 2005 و الذي هدف إلى الحد من التلوث المناخي الهائل و الذي أدى بدوره إلى التدهور البيئي الذي نشهده و كما تعهدت الدول الملتزمة به إلى تخفيض الانبعاث بنسبة 5% بالمقارنة مع ما كانوا يطلقونه عام 1990 . يبين الشكل التالي أكثر الدول ذات انبعاثات مرتفعة .
- اللون الأزرق الغامق يمثل الدول ذات الانبعاث الأكثر من 1000 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في السنة .
- اللون الأزرق الفاتح يمثل الدول ذات الانبعاث ما بين 100 -1000 مليون طن في السنة .
- اللون الرمادي الفاتح يمثل الدول ذات الانبعاث الأقل من 100 مليون طن في السنة .
تتضمن اتفاقية كيوتو مجموعتين من الالتزامات المحددة تحقيقاً للمبادئ العامة التي أقرتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ حيث تتضمن المجموعة الأولى الالتزامات التي تتكفل بها جميع الأطراف الموقعة على الاتفاقية في حين تتعهد المجموعة الثانية بمجموعة الالتزامات التي تتحملها الدول المتقدمة اتجاه الدول النامية .كان من أبرز التزامات المجموعة الأولى قيام 38 دولة متقدمة بخفض الانبعاثات لكن بنسب مختلفة و العمل على الاهتمام بالغابات و الزيادة في عددها لما لها دور كبير في امتصاص غاز الكربون و العمل على تطوير تقنيات المشاريع النظيفة . أما التزامات المجموعة الثانية كان أهمها التعاون المشترك مع الدول النامية في تطبيق آلية التنمية النظيفة و التي تلزم الدول المتقدمة بالقيام مشاريع نظيفة للدول النامية و مساندتها في تحقيق التنمية المستدامة .
لقد حدد بروتوكول كيوتو ثلاث بنود أساسية لمساعدة الدول النامية في تخفيض نسب الانبعاث هي آلية التنمية النظيفة و نظام التجارة بالكربون و آلية التعاون المشترك .
ما هي تجارة الكربون ؟
تهدف تجارة الكربون إلى خفض نسبة انبعاث الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي إما باستخدام تقنيات صديقة للبيئة أو عن طريق التقليل من النشاط الصناعي ، فقد تم إنشاء أسواق عالمية للكربون بحيث يمكن بيع و شراء حصص الكربون بين الدول أو بين المصانع ضمن الدولة الواحدة . يعادل كل طن منبعث برخصة واحدة بحيث تسمح هذه الرخصة ببعث طن واحد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من قبل المصنع المسبب لهذا التلوث حيث تعتبر محطات توليد الكهرباء و الصناعات الصلبة أكثر الصناعات المسببة في هذه الانبعاثات .لقد تم تحديد حصة كل مصنع من هذه الرخص بحيث لا يجب أن يتجاوز الكمية المسموح بها من غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة منه لكن هنالك العديد من المصانع لا تستطيع التقيد بهذه النسبة فم الحل في هذه الحالة؟ . هنالك العديد من المصانع التي لديها رخص كربون وقادرة على خفض انبعاثها الكربوني بتحويل جزء من إنتاجها إلى الطاقات المتجددة فتقوم ببيع هذه الرخص الفائضة لديها إلى المصانع التي تريد توسيع صناعاتها و بالتالي تحتاج إلى بعث المزيد من غاز الكربون في الجو . تقوم تجارة الكربون على طرفين أساسيين :
- الطرف الأول : البائع و الذي يكون من الدول أو المصانع ذات الانبعاث الكربوني المنخفض أو قد يكون من الدول النامية .
- الطرف الثاني : المشتري و هو صاحب الانبعاثات المتزايدة .
أما السلعة و هي الكربون و التي يخضع سعرها للعرض و الطلب فقد يكون سعر الطن الواحد 20 دولار و قد يرتفع إلى 50 دولار غدا فهذا السعر غير ثابت .
يمكن أيضا للمصانع ذات الانبعاث الكربوني المتزايد أن تعوض عن هذا الارتفاع في الانبعاث بتمويل مشاريع تعتمد على الطاقات المتجددة في الدول النامية و التي تعتبر ذات انبعاث كربوني منخفض و الشكل التالي يبين آلية تجارة الكربون .
تعتبر تجارة الكربون طريقة ناجعة للحد من الانبعاث الكربوني لكن لا بد من وجود منظومة و آلية يتم من خلالها إتباع سياسات متناسقة في تسعير الكربون و فرض الضرائب كما لا بد من زيادة الجهود الدولية في مجال المشاريع النظيفة و تسهيل قوانين تطبيقها و التعاون الدولي في هذا الإطار حيث تعتبر هذه التجارة من التدابير المتبعة للتصدي لأزمة المناخ و ما زال سوق الكربون يعد بفوائد جيدة سواء للدول الصناعية أو حتى النامية .