“دولرة” لبنان.. إغراق رسمي لليرة المتهالكة

دخل سعر الصرف الرسمي الجديد في لبنان “15 ألف ليرة” حيّز التنفيذ أمس الأربعاء، في خطوةٍ رسمية أولى نحو توحيد أسعار الصرف، تنهي مرحلة تثبيت الصرف على 1507 ليرات، وذلك يعني انخفاضاً بما يقارب التسعين في المائة عن سعر العملة الوطنية القائم منذ حوالي الخمسة والعشرين عاماً.
وأعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في أكثر من تصريحٍ، أن المصرف سيتبنى سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار الواحد اعتباراً من الأول من فبراير / شباط 2023، وسيكون لديه سعران فقط، هما 15 ألفاً، وسعر آخر يرتبط بمنصة صيرفة التابعة له والذي يستقرّ اليوم عند 38 ألف ليرة.
ليرة لبنان
بدأ مسار انهيار الليرة اللبنانية منذ أواخر عام 2019، بحيث فقدت أكثر من تسعين في المائة من قيمتها حتى اليوم، وذلك في وقتٍ يواصل سعر صرف الدولار تسجيل أرقام مرتفعة جداً تتخطّى الستّين ألف ليرة.
وعلى الرغم من أن البنك المركزي استمرّ في تبنّي سعر الصرف على 1507 ليرات، طوال هذه الفترة، بيد أنه كان بحكم غير الموجود، بفعل تعدد أسعار الصرف، منها التي خلقها الحاكم رياض سلامة، للمصارف والمودعين والمؤسسات، إلى جانب سعر السوق السوداء الذي بات المتحكّم الأكبر على السّاحة، لا سيما بعد انتهاء مرحلة رفع الدعم، ليصبح المرجع الأول لتحديد الأسعار والتداولات، ويطاول مختلف القطاعات، بما في ذلك الاستشفائية، الدوائية، الغذائية، السياحية، وعلى مستوى المحروقات وكافة السلع والبضائع.
لدولرة الشاملة لجميع القطاعات
تبعاً لذلك، يتوقع خبراء اقتصاد أن لا يكون لتغيير سعر الصرف أي تأثير ملموس، ومباشر، باعتبار أن أكثرية التداولات تتم وفق سعر الصرف في السوق السوداء.
وفي وقت دخل لبنان مرحلة الدولرة الشاملة، قررت وزارة الاقتصاد الانضمام إليها أخيراً، بالسماح للسوبرماركت بتسعير السلع بالدولار وبيعها بحسب سعر صرف السوق، كما سبقتها إلى ذلك وزارة السياحة التي عممت على المؤسسات السياحية التسعير بالدولار.
كذلك، باتت معظم الخدمات مسعّرة بالدولار وتدفع إما نقداً أو بالليرة وفق سعر الصرف بالسوق السوداء بما في ذلك الصحية، الدوائية، الاستشفائية، الأمر الذي وضع صحة المواطنين في لبنان بدائرة الخطر وترجم بتراجع نسبة الإشغال في المستشفيات، وانخفاض الطلب على الدواء، في حين أن بعض الوزارات بدأت تعتمد التعريفات المتصلة بها على سعر منصة صيرفة وهو اليوم 38 ألفاً، منها الطاقة والمياه والاتصالات.
وأصبح الدولار هو اللاعب الأساسي في لبنان، وعمليات الشراء والبيع، أو الإيجارات، ما يجعل تغيير سعر الصرف غير ذي تأثير أيضاً، فعلى سبيل المثال، إن معظم العقارات تحدد بالدولار ويُشترط شراؤها بالدولار نقداً، وكذلك الإيجارات فإن معظم المالكين باتوا يفرضون على المستأجر دفع بدلات الإيجار بالدولار النقدي، علماً أنه بحسب قانون النقد والتسليف لا يحق لهم عدم قبول العملة اللبنانية، ما يجعل حق السكن محصوراً بالميسورين، وحملة الدولارات، خصوصاً في ظل غياب السياسة الإسكانية الشاملة.