العربجي بطل يستوطن الذاكرة … أحمد علي هلال

العربجي بطل يستوطن الذاكرة … وعلى الأرجح سنجد أن العمل الدرامي الموسوم بـاسم المهنة، قد يذكرنا بشخصية بطله «عبدو العربجي» بشخصية أخرى ومن مهنة مختلفة هي شخصية «ديب العتال» في «قناديل العشاق». فما يجمع النجمين الكبيرين باسم ياخور ومحمود نصر على الرغم من اختلاف المهنة هو تلك الشخصية الأثيرة التي لا تنفرد بنموذجها الأوحد، بل ستعني ليس بتواتر الحلقات فحسب أنموذجاً من بطولة جماعية، حاملها ومراياها ذلك «البطل» الذي سيمثل في ذاكرة الناس مزيجاً من القوة والضعف والبطولة والنقاء والأعاجيب، أي أنه سيكون لها ما يختص بها من ميزات أقرب إلى أن تكون مثالية وفي ذلك يكمن سحر عجيب في هذا النوع الدرامي…
بطل يستوطن الذاكرة
نحن هنا لا نقصد تراسل الأفكار كما النصوص الدرامية، فشتان ما بين ديب العتال وعبدو العربجي في مسارات المصائر، وذلك لا ينفي أن ذنيك الشخصيتان قد رُكبتا من مرجعيات واقعية مشوبة بشيء من التخييل الضروري الذي تحتاجه الدراما، وليس وقوفاً عند شباك التذاكر الذي يضاعف الخوارق والأعاجيب لدى هذه الشخصيات، بل ما نقصده هو البيئة الموازية لما عُرف يوماً بدراما البيئة الشامية، أي جملة الخرق المنتظم لما استقر في وعي الناس من شخصيات منمطة وحوارات ساذجة، وأفكار لا يصلح معها أفق التوقع.
وبمعنى آخر فإن ( العربجي بطل يستوطن الذاكرة ).. وبخصائص معينة فنية ودرامية، ستبنى حلقاته على ما يشبه المأثرة الفردية/ الجمعية بآن، وبما يغذي نهم المتلقي إلى تطورات هذه الشخصية وعليه أن يتفهم ضعفها الضروري انسجاماً لقيم بعينها، فتلك مسألة ربما ستشكل صدمة لدى المشاهد النهم، لكنها الشخصية أولاً وأخراً، في جلاء صورها والمسافة ما بين قوتها والهشاشة لتصبح شخصية من لحم ودم، أكثر منها فكرة عابرة للورق، فهل الشخصية أم الفكرة وكيف نقف على ذلك المعيار الذي يجعل من العمل الدرامي ليس بتواتره فقط وصولاً إلى حكم جمالي معياري في غمرة التنافس في السوق الدرامي، بل إلى خصائصه المكونة، دون تجزيء في بنيتها الكلية، وأكثر من ذلك كيف تنزاح تلك الأنساق التي ترسخت في الذاكرة طويلاً بثقافتها ومفرداتها، لنقف على نصوص عابرة لخطاب المقولات فحسب.
.
*كاتب وناقد فلسطيني .. سوريا
.