العراقية رغد نصيف : روائية ، تشكيلية ومهندسة تتمنى رسم أحياء دمشق القديمة عن قرب ..
أطمح لبناء مبانٍ أسطورية ..

|| Midline-news || – الوسط …
روعـة يـونـس ..
يمكن اختصار التعريف بالعراقية رغد نصيف. بأنها زها حديد “الصغيرة” ، فهي مهندسة معمارية متميزة وفنانة تشكيلية موهوبة، وتصمم الأبنية برؤى جمالية واتساع أفق أدهش رؤساء العمل والعملاء حيث وُجدت. وقد أشادت بها صحف عربية رأت فيها “مهندسة فنانة مبدعة”. فضلاً عن إنجازها لوحات فنية في أنماط متعددة تعدها لمعرضها الشخصي الأول في بغداد.
أغرت عوالم الرواية رغد نصيف فخاضتها بروايتها الأولى “ذاتٌ حائرة” التي نالت استحسان النقاد والجمهور، بخاصة أنها ذات طرح لغوي جميل وفلسفي يحمل رؤى؛ من النادر أن تتشكّل لدى شابة عشرينية. فساهم هذا القبول والتشجيع في إنجازها رواية ثانية قيد الطبع.
طموح مشروع ..
تَعتبر نصيف المهندسة العالمية الراحلة “زها حديد” مثلَها الأعلى وقدوة لها. لكن رغم ذلك تفاجئنا بأنها ليست فتاة حالمة، فهي لا تحلم أبداً! بل تطمح وتخطط وتنفذ وتسعى لتكون مهندسة متميزة تنجز مبانٍ أسطورية في العراق وكل دول العالم.
توضح نصيف فكرتها وتقول :
- على كل إنسان طموح أن يثبت نفسه ويقدم مشروعه المهني أو الإبداعي في الحياة محاولاً أن يكون الأصل ونسيج وحده. فالحلم اتكال وخيال، أما الطموح فهو أمرٌ حقيقي ، ملموسٌ ومشروع لكل إنسان يتوق إلى الإنجاز.
وعن بذور موهبتها تقول نصيف :
- خلال طفولتي كنت أسرق أوراق وأقلام أبي لأصمم، كانت تراودني فكرة تصميم منازل الدمى، وليس رسم الدمى! وكنت أرسم مجموعة من الناس، الرأس دائرة والأطراف مجموعة خطوط. فارتبطت موهبة الرسم بالميل إلى تصميم المنازل”.
وخلال دراسة الهندسة المعمارية ثمة ما اكتشفته نصيف، تقول :
- مع مرور الوقت اكتشفت أنه مع كل مبنى أرسمه يجب توفر الإنسان كعنصر أساسي كي نوضح نسبة هذا المبنى إلى نسبة (figure) حجم الإنسان. إنما كلي ثقة ويقين أنني على الصعيد الهندسي يجب أن أحقق طفرة! بخاصة مع الإشادات التي أنالها في ختام كل مشروع. وهذا عائد إلى أن مهنتي هوايتي التي أعشقها.
الأيادي والأقنعة ..
عرفنا الجانب المهني لدى نصيف، يبقى أن نتوقف مع التشكيلية وكذلك الروائية. تقول رغد نصيف عن شغفها في فن التشكيل :
- في بداياتي كانت تراودني فكرة رسم الأيادي كثيرًا! أجد فيها مصافحة وتسامح وجماليات عديدة. وتعبير قوي عن العمل والإرادة والكتابة والتغيير والتلويح! وبعد نمو وتبلور موهبتي وتطور التقنيات والأساليب التي أستخدمها، ظل الإحساس واحداً، أختار بإحساسي أن أرى صورة أو شيء يوحي لي بقصة ما خلفه، مثل رسم الأقنعة وهي تدل على تخفي الروح وحكايا النفس”.
وعن أساليبها في الرسم تقول :
- تعلمتُ خلال دراستي الرسم بأقلام الرصاص والحبر وريشة المائي والبوستر وأضفتُ لها أقلام الجاف، لكنني وجدتُ روحي في الألوان المائية، نضع قطرة الماء صافية كما وضعتنا الحياة ثم نلامسها بأطلاف الريشة المشبعة بلون معين. يحضرني في هذه اللحظة اللون الأزرق لون الخليج العربي، لينتشر خلالها ويرسم شكلًا رائعاً”.
أما عن طموحاتها في مجال التشكيل فتقول :
- طموحاتي مرتبطة بالمكان. أتمنى زيارة دمشق، فهي معجزة كونية، فيها عبق التاريخ ما بين أموي وعباسي مشترك مع العراق. وحين أزورها ثمة طموح “تشكيلي” سيتحقق وهو رسم أحياء دمشق القديمة باب شرقي وباب توما عن قرب”.
تسترسل نصيف مضيفة : أميل إلى كل ما هو تاريخي، إلى هيئة وأزياء أجدادنا، إلى الأبواب القديمة التي تخبرنا عمَّن رحلوا وتجعلنا نرى بوضوح خطواتنا نحو المستقبل، إلى الشبابيك العتيقة التي أريد رسمها مباشرةـ وأن أكفّ عن رسمها من مخيلتي أو من المسلسلات السورية”.
ذات لا تعرف الحيرة ..
قبل سنوات قليلة أصدرت رغد نصيف روايتها الأولى “ذات حائرة” ، فأشاد بها النقاد وأشاروا إلى أن كاتبتها الشابة قارئة مثقفة مطلعة، عكست ثقافة رفيعة ولغة جميلة ورؤى حيّرهم توفرها لدى شابة في مثل سنها. لكن الروائية الشابة لم تكن حائرة في أمرها! تقول :
- كوني أحب الشعر والقصة والرواية وأقرأ هذه الآداب بنهم. إلى جانب قراءاتي في الفلسفة والفكر والتاريخ. كان طبيعياً أن تنعكس تلك القراءات على لغتي وبعض طروحاتي وأسئلتي الإنسانية الكونية في الرواية. لكنني أتفهم دهشتهم وأشكر تشجيعهم، حيث اعتدنا أن يحصل العربي على ثقافة متميزة في سن الثلاثين وما فوق. وامتناني الكبير لكل كاتب وكتاب قرأته فأنار عالمي الصغير.
وعن روايتها الجديدة التي تُحضِّر لطباعتها وستترافق مع معرض فني لها، تقول :
- آمل أن أكتب كتاباً واحداً يحقق الفائدة والخلود! لأن الكتابة لا تعني أن ندوّن سير حياتنا ومشاعرنا. بل أن نترك الأفكار أمام القارئ ليستفيد منها ويبني عليها. كل ما نكتبه الآن نحن جميعاً هو ثمرة كتب قدمها لنا السابقون.
تضيف : لهذا أجدني أصبّر نفسي كلما حاولت تعلم شيء ولم يكن سهلًا، وفي كل مرة أترك فيها راحتي وما أحبه في سبيل أن أصل، لتخرج الأفكار من أعماقي ناضجة ومقاوِمة للضغوط. فالإيمان بالوصول يصيبني بالقلق الدائم، وللعلاج منه أهرع نحو التعلم الذاتي وكل ما بوسعه أن يدفعني نحو تجسيد تخيلاتي وطبيعتي إلى أرض الواقع ومشاركتها مع الآخرين. هذا ليس فقط جوابي على سؤال “الوسط” بل أيضاً هو جوهر روايتي الثانية المتزامنة مع المعرض التشكيلي”.
تتابع رغد نصيف سعيها بجد واجتهاد لتحقيق كافة طموحاتها ، وسنلتقي بها مجدداً حين تكون في أحد شوارع دمشق القديمة ترسم أحد بيوتاتها العامرة بالحضارة وشبابيكها المطلة على التاريخ أو أحد أبوابها المفتوحة على السموات السبع وأمام كل من يحمل في قلبه العشق والإبداع .