الجزائر تهدد إسبانيا بفسخ عقد الغاز

الجزائر تهدد إسبانيا بفسخ عقد توريد الغاز في حال قامت بإعادة توجيهه لأي وجهة أخرى غير منصوصة في العقد بين البلدين، وذلك بعدما أعلنت مدريد بدء التدفق العكسي للغاز الخميس أو الجمعة عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي.
وأوضحت الوزارة في بيان، الأربعاء، “كل تزويد بالغاز الطبيعي الجزائري الموجه إلى إسبانيا، لأي وجهة غير منصوص عليها في العقد يعتبر إخلالا بأحد بنوده”، مضيفة، “أي وجهة للغاز الجزائري غير منصوص عليها في العقد قد يؤدي إلى إلغاء العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان”.
وأشار البيان إلى أن وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب الأربعاء ، “تلقى بريدا إلكترونيا من نظيرته الإسبانية، تيريزا ريبيرا، تبلغه فيه بقرار إسبانيا القاضي بترخيص التدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي”. وبحسب الوزيرة الإسبانية فإن الشروع في هذه العملية سيتم اليوم أو غدا.
الجزائر تهدد إسبانيا بفسخ عقد الغاز
ولم يوضح البيان الجزائري البلد الذي سيستفيد من هذا التدفّق العكسي لكن سبق للحكومة الإسبانية أن أعلنت في شباط/فبراير أنّها ستساعد المغرب على “ضمان أمنه في مجال الطاقة” عبر السماح له باستيراد الغاز عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي “جي إم إي”.
ويومها قالت مدريد إنّه “سيكون بمقدور المغرب الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، وإيصاله إلى مصنع لإعادة التحويل في شبه الجزيرة الإسبانية، واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي (جي إم إي) لنقله إلى أراضيه”.
ويندرج التهديد الجزائري بفسخ عقد توريد الغاز لإسبانيا في سياق توترات دبلوماسية متزايدة بين البلدين بسبب قضية الصحراء الغربية، المنطقة الصحراوية الشاسعة التي تسيطر الرباط على القسم الأكبر منها وتطالب جبهة البوليساريو الانفصالية باستقلالها مدعومة من الجزائر.
وعلى الرّغم من اعتمادها الشديد على الغاز الجزائري، غيّرت إسبانيا جذرياً موقفها من هذه القضية الحساسة في آذار/مارس.
وبعد سنوات طويلة التزمت خلالها الحياد بشأن مصير مستعمرتها السابقة، أعلنت الحكومة الإسبانية في 18 آذار/مارس دعمها مقترح المغرب منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً تحت سيادته.
و”استغربت” الجزائر “الانقلاب المفاجئ” في الموقف الإسباني، واستدعت في اليوم التالي سفيرها في مدريد.
وتعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية من “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي” منذ خرج منها المستعمر الإسباني في 1975.
وسوناطراك، شركة المحروقات الجزائرية العمومية العملاقة، زوّدت إسبانيا في 2021 بأكثر من 40% من وارداتها من الغاز الطبيعي. والقسم الأكبر من هذا الغاز استوردته إسبانيا من الجزائر عبر خط أنابيب “ميدغاز” الذي يمرّ تحت البحر وتبلغ قدرته 10 مليارات متر مكعب سنوياً.
وكان قسم من الغاز الجزائري يصدّر إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز المغاربي (جي إم إي) الذي يمرّ عبر المغرب، لكنّ الجزائر أغلقت هذا الخط في تشرين الأول/أكتوبر بعدما قطعت في آب/أغسطس علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.
وأدّى إغلاق الجزائر لخط الغاز إلى حرمان الرباط من الغاز الجزائري، في وقت يؤكّد فيه خبراء أنّ رسوم المرور التي كان يجبيها المغرب من الجزائر على شكل كميّات من الغاز بأسعار تفضيلية كانت تؤمّن له 97% من احتياجاته من هذه المادة الحيوية.
وكانت إسبانيا، قد أكدت في وقت سابق، أنها لا تريد تأجيج “خلافات عقيمة” مع الجزائر، بعدما ندد الرئيس الجزائري بتحول الموقف الإسباني لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس عبر أثير إذاعة أوندا ثيرو، يوم الاثنين: “لن أؤجج خلافات عقيمة لكن إسبانيا اتخذت قرارًا سياديًا في إطار القانون الدولي وليس هناك شيء آخر يمكن إضافته”، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
وحين سُئل الوزير عن تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اعتبر موقف إسبانيا الجديد تجاه قضية الصحراء “غير مقبول أخلاقيًا وتاريخيًا” وأن هذا الموقف “غيّر كل شيء”، قال: من بين كل هذه التصريحات، ما أحتفظ به هو الضمان الكامل لتزويد إسبانيا بالغاز الجزائري واحترام العقود الدولية.
ورد المبعوث الجزائري الخاص حول الصحراء والمغرب العربي عمار بلاني، الاثنين، معتبرا أن تصريحات ألباريس “مؤسفة وغير مقبولة… لن تسهم بالتأكيد في عودة سريعة للعلاقات الثنائية إلى طبيعتها”، وفق تصريحات نقلتها وسائل إعلام محليّة.
جدير بالذكر أن ربع الغاز الذي استوردته إسبانيا في الربع الأول من العام كان مصدره الجزائر.
يذكر أنّ شركة الطاقة الجزائرية “سوناطراك” وقعت اتفاقاً مع شركة “Eni” الإيطالية مطلع شهر نيسان/أبريل، يستهدف زيادة حجم الغاز المصدر من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا إلى إيطاليا، مما أثار مخاوف إسبانيا من تأثر إمدادات الغاز الجزائري إليها.
المصدر: وكالات