إضاءاتالعناوين الرئيسية

إنها الأرض قالت: فلتقيموا أعراس البرتقال.. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …

 .

آذار الحكاية بنكهتها الباذخة الميلاد وقيامات الأرض المقدسة، وكيف له ألا يجمع أسماؤه كلها في أسفار ربيعه، وهو من وزعها على الشهداء والأحياء والشهود حراس الذاكرة، هو إذن إكسير الفصول وخيط سبحتها.

فكم ابتدأت من جراحنا بروق كيما نولم لحكاياتنا الجديدة الآتية من أزمنة التوهج والصعود، أزمنة التقحم حينما ظلت خط الدفاع عن أمسنا وعن غدنا، وهي التي جهرت بالقول غير مرة: إني هنا منذ أزل الدم والحبر والكلمات، منذ أزل الرصاص وطلقات الصباح، وانثيالات العشق.. وعلى لسان شاعرها: (في شهر آذار في سنة الانتفاضة قالت لنا الأرض أسرارها الدموية، في شهر آذار مرت أمام البنفسج والبندقية خمس بنات، وقفن على باب مدرسة إبتدائية، واشتعلن مع الورد والزعتر البلدي، افتتحن نشيد التراب، دخلن العناق الأبدي.. آذار يأتي إلى الأرض من باطن الأرض   يأتي).

يا لزهو النشيد الذي يتخلق في غير صورة ومقام، ويعبر أزمنته المالحة: وردة في احتدام المسافات والقلوب واشتهاء البرتقال، وردة تمسد بأصابعها النهارية قلوب الأمهات اللاتي ذهبن في الحلم وعدن صباحات تزنر خاصرة الخريطة، فخديجة لم تغلق الباب وظل الرفاق خير ياسين ورجا أبو ريا وخطر خلايلي ورأفت الزهيري وحسن طه ينسجون للأرض ثوبها، من أقاصي جهات القلب إلى جنوبها ليكتبوا قصيدتها… كان مغزل الحكاية هو الأكثر ذهاباً إلى خطوط الدفاع لصبج زمناً للأرض لا يومها فحسب، وللأرض أيام يداولها الغضب لتعيد للشهداء قيامتهم فرحين بما آتاهم النصر من أوسمة وطنية/ دمهم الطريق وما يزال يملأ شغاف الليمون والبرتقال.

هي الأرض توحدت هناك تحت ظل النشيد وظل السارية، لتخط على أفقها دورة جديدة من شمس نهارات عالية، لتصبح كحل الأغنيات وبنفسجها العالي الذي قشّر كل الحكايات على مهل قصيدة كبرى: الأرض.

ما الأرض سوى نحن نتنفسها كعشق لا يزول، الأرض التي بورك حولها وامتدت في شرايين الجهات لتمتص غزاتها، أولئك العابرون حقاً، هي صورة وجهنا الأخير، وللتاريخ مراياه الذاهبة أبداً للوضوح الطليق: ثمة حق لا يموت، قالتها برتقالة في الجليل وصدقها نعناع الجنوب كله، ورتلتها أنهار الجولان، وهي تشاطئ القلوب العارية في ملحمة البقاء والخلاص.

الأرض ميلاد وهوية على مقام الوجد هي، فكم حفظ التراب خطانا ودلنا على موطئ شهقات الصباح حينما تنفستنا الحياة هنا وهناك، لتصحو كل فجر بلا غزاة يا لأعراسها كم أولمت لفرح السهوب والسهول والبحار والجبال، فرح الخريطة كلها بأنها ذات حقيقة قادمة دورة الميلاد لمن فاتتهم حكاياتها وظلوا على شغف الكلام ومسافاته في أبدية الانتظار.
الأرض مدونة عشق لا تزول.

.
*كاتب وناقد – سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى