العناوين الرئيسيةحرف و لون

أعيش الحب منفرداً.. عامر الطيب

منحوتة: هشام المليح

|| Midline-news || – الوسط …

.
سأكلمكِ الليلة و أخبرك بالحقيقة
“لمَ أحببتُكِ دون فتيات كثيرات
بالرغم من جسارة يديك
و نعومة أظفارك
و البودرة التي تضعينها لإخفاء الأيام
الحزينة كأكياس من الغربان؟”
لم يكن سؤالك سوى بضع كلمات
و لن يكون جوابي سوى بضع
كلمات أيضاً.
لعلي رجل يود أن يطير
و هو مستلق على ظهره ،
أن يبكي كما يركل حذاءه المتسخ
بالطين،
أن تتأخر الليلة
طويلاً ليكلمكِ الآن!
بدأوا الغناء للتجربة
جهزوا صلاحية الآلات و أشعلوا
الأضواء الخافتة.
هي أضواء زرقاء و أنا بقميص
أبيض باهت
أما الفتاة التي تدخن معي
فقد قالت:
سأقبلك إذا ما خفتتْ
الأضواء قليلاً.
كانت الأغاني عن الحرب
و كانت دواخلنا تبكي مثل مدن
بعيدة و متلهفة
على طريقة
أن تبكي الموصلَ
لأنكَ في بغداد !
بعد أشهر قليلة من المشي
صارت لي صديقةٌ
و اتفقنا أن نكمل الطريق معاً.
بعد أيام
صارت حبيبةً
و ها نحن نمشي
إلى أن بدت كعدوةٍ
في الوداع الحزين
إذ انفلتت أصابع بعضنا .
إنني الآن
أعيش الحب منفرداً
ألبس سروالاً ضيقاً
و أمشي في البيت!
نحن الثلاثة الذين نحبكِ
نصعد السيارة ذاتها
عائدين إلى بيوتنا
حقائبنا ببن أقدامنا و دموعنا أيضاً.
نفتح رسالتك معاً
سلسلة طويلة من اللاءات
لا لا لا لا لا لا
لا للأولاد
لا للسفر
لا لغسيل الملابس الضائعة ككلب
لا للسيارة التي تجمعكم.
أنا الوحيد الذي أقرأ الرسالة
بجدية
كأنني أتذكر كلمات أغنية مترجمة :-
كل شيء لا يتألم
يفعل ما ينوب عن الألم!
أدركتُ الآن
إنني أحبك لاحميك
كما أحمي قطرة دم في صميم قلبي.
كما أكمل
قصيدة طفولتي
التي وضعتُ منها كلمة و نسيتها
حتى كبرتُ
و أردت أن أنتهي منها.
ما الذي يمكنه أن يحدث
لقد نسيت القصيدة
مرة أخرىً
و شاهدت نبتة تشق طريقها
في الحائط.
هي طفولتي
هي عيوبي الكثيرة
هي حياتي المعتمة كقعقعة بعيدة
وأنا بضعة فتيان
يلصقون صور المصابيح
على الجدران!
تعرفين ما الصورة المثبتة على لوح القدر ؟
أشك أنك فكرت بذلك الآن
إنها صورة لك وقد عبرت
العشرين من عمرك ركضاً
ثم عبرت الثلاثين
بدراجة نارية
و ستعبرين حافة الأربعين
بسيارة قديمة جداً.
أما عندما تصلين
إلى مفترق الستين
ويكون هناك ضباب حزين و قناطر منسية
فستعبرين دحرجةً
كالجنود الحذرين
أو مشياً بطيئاً
كالأطفال!
صوت المذياع عالٍ
لا أسمع السائق وهو يثرثر
لكن قلب فيروز ينبض كالنبع
وهي تصف لنا الطريق:
“بيتو بآخر البيوت قدامه علية “
ثم أفصّح كلماتها
لئلا أكون متلاشياً :-
“تصل البيت
و تسلمه الهدية “
مررنا بالتلال و الكنائس و الأشجار
و مررنا بالحب
و ضريحه اللامع
مكسوٌ بالذهب الخالص
أو بالفضلات !
في مكان ما من عقلي
يوجد قلبٌ،
في مكان من ظهري أيضاً .
بين شفتي و بين حواف أظافري .
قلوب صغيرة غير مرئية
لكني أسمعها و هي تنبض
أو تتجوف.
في إحدى عيني يوجد قلب ساكن
أحاول معرفة
اللغز
أجزم أنك تعرفين ذلك جيداً
عندما تحفظينه
بلطف بالغ
فتكسرين دموعي !
تستحقين قبلةً
مقابل كل بلاد مخربة تزيّن
بالشموع ،
مقابل كل بلاد مقطوعة
يتم فتحها للمارة،
مقابل كل بلاد تجد أطفالها مؤخراً
ثم تضمهم كقطة متحمسة.
تستحقين قبلة
مقابل كل بلاد يغيرون
اسمها
أو يستوردون لها القبعات
و الأزهار
انظري كيف صرتُ مبجلاً؟
قلبي يستطيل بالمصائر
الشغوفة
و فمي يتدوّر بالبلدان !
جسدي ينتفخ عندما أحب و يتقلص
عندما أعود خائباً.
بالونٌ عجيب
حتى انني أكتب على الجوجل
كيف أحافظ
على جسدي ؟
يصمت الجوجل مطولاً
ثم يدخلني بمتاهات الأشخاصة
الذين يحاولون الحفاظ على أجسادهم أيضاً .
أتحسس عضلاتي النامية
كلاعب مبتدئ
و أقول إنه صعب
أن أعبر درجة و أنزل درجةً،
سلّمي طويلٌ
و لن أنجحَ بالتخطيط للماضي!

.

*شاعر من العراق
*المنحوتة للفنان النحات هشام المليح- سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى