أساطير معاصرة .. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …
.
بلى.. إنها الملحمة لكنها المتواترة منذ أجيال وأجيال وانعطافات وأكثر، يبدو مشهدها الآن بتمام الوعي واكتمال حوامله أكثر وضوحاً. إنه خيط الدم الذي يعيد رسم الخرائط المشتعلة أبداً، فالنار أهرقت رمادها بعيداً..
كاد الرماد أن يكون كحل عين القصيدة وغصة الرواية وضراوة المسرحية وانكسار المقام في السيمفونية وتشوش اللون في اللوحة وووو…. لكننا اليوم بتنا نساهر –هذا الوعي الجمعي- كله وعي بفرادة مشهديات متصلة ومنفصلة بآن لتجهر بعيش الأسطورة ، لا رويها فحسب كما جاء في سالف الحكايات.
فهل غدت دراما الحدث متقدمة على ما يعرض في شاشاتنا الفضية: نص طليق وأبطاله المعلومين حد الوضوح الناجز ورؤيته الباذخة وعياً بما امتلكت من مهارات التشكيل والفرادة الاستثنائية باتت البطل الإضافي في راهن الحكاية الفلسطينية/ العربية، وهل سوف ننسى كل متخيل الحكايات الفائض في درامانا العربية لنظفر بالعمل الاستثناء؟
الأقصى في ملحمتها العصرية الراسخة تاريخاً وهوية ومكونات تاريخية شكلت نسيج الحكاية وعضدها، ونسغها الصاعد إسراءً ومعراجاً ، وهل ما قيل زيفاً (بربيع عربي) أخضعته ملحمة الأقصى للجرح والتعديل والإبانة، ليظهر ربيع حق يجهر بقيامة الأرض وعودة مسيحها بألف مقام ومقام، مسيحها العظيم المصلوب أزماناً وحقباً على القضية؟
كان صاحب (مداريات حزينة) كلود ليفي شتراوس يحفر في أنساق أسطورياته التي اكتشفها في أدغال الفكر والحضارة وطقوس بشر مجهولين، كان الأتنولوجي الباهر والأنثربولوجي الحصيف الذي بحث في تاريخ سابق ومهمش ليقف عند حوارية معارفه، لكن شأن -تلك الأسطوريات- أن تنعطف بالمخيلة الإنسانية لتكشف عن بشر حقيقيين بما يكفي صاهروا الشمس ومدوا لها خيوط دمهم، وعادوا لمأثرة الحجر –حجر النار- ليعيدوا حضارة الروح لوطن معلوم فوق جغرافيا لم تذهب إلى النسيان، ليسوا هنوداً حمر، ودمهم الأحمر صار نسق الحكاية المعاصرة باجتراحات يد وحجر ووعي، ومن قبل ومن بعد راقصون مع ذئاب الأرض خارج فيلم بعينه، فالكلمة الأخيرة التي لم تقل بعد، قد قيلت غير مرة ومازال القول مفتوحاً بسدرة الحكايات، ولم يعد القول أسيرا !
.