إعلام - نيوميديا

تجاذبات لافروف كيري تنجب هدنة وسط حقل من الألغام

محمد نادر العمري – كاتب وباحث سوري في العلاقات الدولية  …

ليلة الأحد الاثنين الموعد المفترض لبدء اختبار النوايا والسلوكيات المفتقدة للثقة المتبادلة في تطبيق ما أفرزته جملة الجولات التجاذبية الاميركية الروسية داخل أروقة جنيف على إيقاع التحولات في الميدان السوري .هذا الاتفاق أقل مايمكن وصفه بإنه شبه تفاهم مجزء ومشروط ممايجعل مؤشرات نجاحه ضعيفة، رغم تضمنه 5 وثائق فهو لم يأت بجديد بل عبر عن حقيقة العلاقات القائمة على الشك وعدم الثقة بين الراعيين الدوليين، وأفتقر صراحة لتقديم ضمانات من الدول المتدخلة في الأزمة السورية بالألتزام به، ليكون مجرد استبدل أساليب الاشتباك ضمن الاستراتيجيات المتبعة ويزيد من تعقيد المسارات التفاوضية. ولكن مايميز اتفاق جنيف عن ميونخ تضمينه جدولا” زمنيا” ومراحل متتالية تبدأ بهدنة وتنتقل لوقف العمليات القتالية ويتوج بإنشاء غرفة عسكرية مشتركة في حال توافرت الارادة الدولية واﻹقليمية بعدم تحويله لمجرد تفاهم على الأوراق أو مجرد حصره في المجال العسكري التقني، بما يحوله لنظام هدنة لوقف إطلاق النار وتثبيت مواقع فصل تستوجب في مرحلة مقبلة طرح فكرة نشر جنود ذو القبعات الزرق. كما إن تشعب المجموعات والفصائل المسلحة في الميدان الحلبي وارتباطها بشكل عضوي وتكاملي في صيغة التحالف مع جبهة النصرة اﻹرهابية في الجوانب الفكرية والعقائدية والقتالية ومرجعية الدول الداعمة لها يزيد من الألغام المحيطة بهذا الاتفاق ويجعله أكثر صعوبة بحيثية الفصل بين مايسمى بمجموعات المعتدلة عن الإرهابية وسط غياب آلية واضحة للمراقبة والردع وعدم توافر مدة زمنية كافية تستوجب رسم خرائط انتشار المجموعات على الأرض. الامريكيون الذين يبحثون عن طريقة ﻹحراج الجانب الروسي قبيل مغادرة اﻹدارة الحالية قد يلجؤون لاستخدام المساعدات الإنسانية كحصان طروادة بكسر الحصار المفروض على المجموعات المسلحة وإعادة هيكليتها، وبالتالي السعي ﻹفراغ الانتصارات الاخيرة التي حققها الجيش العربي السوري ووقف اندفاعه، بصيغة مشابهة لما حصل بعد اتفاق شباط في إيصال شحنات الأسلحة ورفع معنويات المسلحين ولكن اليوم يتم بغطاء أممي الذي انفضح دوره في أكثر من مرة ومنطقة وكان مؤخرها ماكشفته تسوية داريا من ادعاءات مزيفة بغرض تسيس الملفات اﻹنسانية. الشرط الاميركي المسبق بنجاح هدنتين متتاليتين قبيل إنشاء غرفة تنسيق عسكرية مشتركة لجمع المعلومات واستهداف تمركز النصرة وبغرض التواصل مع المجموعات المسلحة الموافقة على هذا الاتفاق، قد تتضمن ثغرة تتيح للجانب الاميركي الذي فشل في تحييد السلاح الجوي الروسي، من وضع خارطة غير دقيقة أو معلومات وهمية حول انتشار النصرة واتهام الجانب الروسي بذلك لكسب المزيد من الوقت وتعقيد المشهد بشكل قد يتيح للأمريكي كما إشار صراحة مايكل رايتني لثلاث مرات في رسالته للمجموعات المسلحة بإضعاف جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) وليس القضاء عليها وبالتالي إرسال تحذيرات لها قبيل أي غارة مما يمنحها فرصة لإعادة الانتشار، أو منحها فرصة الانتقال لأماكن آخرى بتأمين غطاء جوي أميركي الذي تحول سابقا” بعد إنشاء التحالف الستيني لوسيلة مثلى في توسيع نفوذ قوات سوريا الديمقراطية. اتفاق لافروف كيري مرهون أيضا” بعامل ردود الفعل الإقليمية تجاهه، فالتصريحات المرحبة بالاتفاق لاتكفي لضمان نجاحه في ظل عدم وجود ضمانات ملموسة باتخاذ قرارات وإجراءات رادعة ﻹغلاق الحدود، فاﻹعلان عن إنطلاق (معركة قادسية الجنوب) بقيادة جبهة النصرة وحركة أحرار الشام بريف القنيطرة بغطاء جوي من جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يتزامن من قبيل الصدفة مع إعلان التوصل للاتفاق، بل شكل تعبير سلوكي إقليمي رافض ﻷي نواة توافق قد تمهد لحل الأزمة السورية. الاتفاق الذي افتقد ﻷي شق سياسي وبخاصة الدعوة لتفعيل المباحثات السياسية كمسار متوازي أو لاحق لتثبيت أركان الهدنة إن كتب لها النجاح، يزيد الاحتمال بإن إدارة الخلافات واختبار النوايا هي العنوان الأبرز للأزمة السورية في مرحلتها الحالية، وقد يمهد لمرحلة تصعيدية قادمة يجري التحضير لها بالتنسيق بين الجانب الروسي مع سوريا وحلفائها، فإقرار لافروف بعلم ومعرفة دمشق ببنود الاتفاق وموافقتها عليه قد يكون رسالة مضمونها إن روسيا ودمشق وإيران وحزب الله تدرك احتمال عدم جدية الطرف اﻵخر واستعدادهم للرد على أي خرق للاتفاق ورسم خطوط حمراء لم يتم التنازل عنها وفق ما أعلنه قائد ميداني للحلفاء، وهذا يتطلب التحضير لحسم عسكري قبيل الانتخابات الاميركية وبشكل خاطف يشبه في أبعاده ماحصل في أوكرانيا وقطع الطريق عن ربط هذا الملف بالاستثمار السياسي الانتخابي الاميركي ووضع الادارة الجديدة في مساحة ضيقة من الخيارات المناورة.

||Midline-news||…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى