دراسات وأبحاث

م . رفاه رومية – تحلية المياه بالطاقات المتجددة ..

|| Midline-news || – الوسط  – خاص ..

تعد المياه من أهم العناصر الأساسية للاستمرار الحياة على الأرض ، فجميع الكائنات الحية من إنسان و حيوان و نبات لا يمكن أن يصمدوا لفترات طويلة بدون موارد مائية مستمرة و التي تعتبر ثروة وطنية لأي بلد من بلاد العالم ، لكن التغييرات المناخية الحاصلة قد أثرت على توافر هذه المصادر المائية الطبيعية و سببت في شحها و تعرضها لملوثات كيميائية مختلفة أو حتى لتسرب المياه المالحة إلى مصادر المياه العذبة ، و كما هو معروف هنالك عدة دول تعاني أساسا من قلة في المخزون المائي نظرا لوقوعها في منطقة جغرافية ذات حرارة مرتفعة و قليلة الموارد لذلك كان لابد من التوجه نحو تنقية المياه المتوفرة أو الاستفادة من مياه البحار و التخلص من ملوحتها من أجل توفير المادة الأساسية للحياة .

تحتاج عملية تحلية المياه إلى كمية لا يستهان بها من الطاقة و التي كما هو معروف ينتج عن احتراقها انبعاثات كربونية ذات تأثير سلبي على الطبيعة و بما فيها الموارد المائية ، لذلك كان لا بد من الاتجاه إلى مصادر أكثر استدامة و صديقة للبيئة  فكان الاستفادة من الطاقة الشمسية حلا ناجعا و عمليا و خاصة في المناطق المشمسة كما في مناطق الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و التي تعتبر من أكثر المناطق عالميا التي تعتمد على تحلية المياه .

لا يقتصر استغلال الطاقة الشمسية بشقيها الحراري و الكهربائي  فقط لأغراض التحلية بل يمكن الاعتماد على طاقة الرياح و الطاقة الحرارية لباطن الأرض وتمثل طريقة توليد الكهرباء من الشمس لتوفير الطاقة اللازمة لعمل المحطة أكثر الطرق المتجددة المعتمدة لتحلية المياه بنسبة تصل إلى 43% كما هو مبين في الشكل .

هنالك خياران يمكن من خلالهما الحصول على الماء النقي الخيار الأول يعتمد على استغلال الطاقة الشمسية بشكل مباشر للتحلية ( المقطرات الشمسية ) و تعد من أبسط الطرق حيث يوضع الماء المالح ضمن صندوق مغلق و بسطح شفاف يسمح بتمرير أكبر قدر ممكن من الإشعاع الشمسي بحيث ترتفع درجة حرارة الماء و يبدأ بالتبخر لينتقل بدوره إلى السطح الداخلي للمقطر ، و بسبب فرق الحرارة بين الداخل و الخارج يبدأ البخار بالتكاثف و بذلك نحصل على ماء نقي كما مبين في الشكل التالي ، لكن بالرغم من بساطة التصميم تعتبر هذه المقطرات ذات مردود إنتاجي  ضعيف .

بالنسبة للخيار الثاني فيمكن تحلية المياه بطريقة غير مباشرة و التي يمكن من خلالها استغلال الطاقة الحرارية للشمس أو الطاقة الكهروضوئية لتأمين الكهرباء اللازمة لعمل المحطة ، و يمكن إنشاء محطات مشتركة لتوليد الكهرباء و تحلية المياه معا بالإضافة لاستخدام الوقود الأحفوري في الحالات الضرورية ، و هنالك عدة طرق حرارية للتحلية و منها تقنية التحلية المتعدد التأثير أما التناضح العكسي يعتبر من الطرق الميكانيكية  و الأكثر انتشارا (62%) بحيث ينتقل الماء من المحلول الأعلى تركيزا نحو الأدنى عبر غشاء شبه نافذ باستخدام الضغط ، يبين الشكل التالي أكثر من حالة لاستغلال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء و تحلية المياه بطريقة غير مباشرة .

هنالك العديد من الدول في المنطقة العربية و خاصة في الخليج و أصبحت رائدة في هذا المجال و خاصة من أجل تأمين المياه للمناطق النائية الصحراوية بغية تحويلها إلى مناطق مأهولة  و قد ساعد الموقع الجغرافي من حيث كثافة الإشعاع الشمسي على الاستثمار الجيد ، يبين الشكل التالي جزء من أعمال شركة هيتاشي في منطقة الشرق الأوسط و اليابان في مجال تحلية المياه حيث تعد السعودية من أكثر الدول عالميا التي تلجأ إلى التحلية .

تقدم تقنية تحلية المياه و تنقيتها بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة حلا عمليا و مستداما لمشكلة شح المياه و تلوثه مساهمة في تقليل البصمة الكربونية ، و تعد الطاقة الشمسية ذات آفاق واعدة في هذا المجال باعتبارها الأكثر وفرة بين المصادر ، و على الرغم من أن تكاليف التحلية ما زالت مرتفعة بالمقارنة مع الطرق التقليدية لكن هنالك الكثير من الآمال على تعزيز و دعم البحوث من أجل رفع كفاءة هذه المحطات و زيادة إنتاجها لما لها من دور فعال في المناطق النائية .

* ماجستير انظمة قدرة ( طاقات متجددة ) – كلية الهمك جامعة تشرين ، مدرسة في جامعة الأندلس – كلية الصيدلة .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى