كولومبيا تخوض حرباً مع “التنّين” بسبب الذهب

أفادت وكالات الأنباء أن الحكومة الكولومبية تخوض معارك بلا هوادة ضد الحفارات المستخدمة لاستخراج الذهب في شمال غربي البلاد والتي تنشط على طول الأنهار فيما تؤكد السلطات أن هذه الحفّارات الملقبة محلياً بـ”التنّين” تدمّر البيئة، وتموّل الجريمة المنظمة في كولومبيا.
وذكرت وكالة “فرانس برس” في “إل باغري” وسط منطقة “باجو كاوكا” التاريخية، أن الجيش الكولومبي يسعى إلى تحييد مستخرجي الذهب ومنها “التنّين” مستخدماً السلاح، وترد المجتمعات المحلية بعمليات عدائية، إذ يعيش عدد من الباحثين عن الذهب في كولومبيا على ما يجنونه يومياً من التنقيب غير القانوني.
استخراج الذهب في القرن الـ17..
وتشير أسماء المدن وبينها “سرقسطة” و”كاسيريس” أن المستعمر الإسباني عمل على استخراج الذهب في القرن السابع عشر في “باجو كاوكا” التي تمتد على مجرى نهر يسمى باسمها وله روافد بينها “ريو نيتشي” الذي ينحدر إلى ساحل البحر الكاريبي.
وشكلت المنطقة معقلاً للجماعات شبه العسكرية في تسعينيات القرن الماضي، وباتت في الوقت الحاضر معقلاً لورثتهم من عصابة “كلان ديل غولفو” (أقوى عصابة في البلاد) وقد أعلن الرئيس اليساري “غوستافو بيترو” انهيار مفاوضات سلام حساسة معها مؤخراً، مندداً خصوصاً بتورطها في تجارة الذهب المربحة والغامضة.
التنّين.. الذهب في “باجو كاوكا”..
ويزداد البحث عن الذهب في “باجو كاوكا” مع ارتفاع الأسعار والدولار، ومن بين الباحثين فقراء يحفرون يومياً بواسطة مجارف، وهناك جرافات (تعرف في المنطقة باسم “الآلات الصفراء”)، وصولاً إلى أضخم آلات الحفر.
وأكدت مصادر محلية متعددة وجود نحو 350 آلة حفر من كل الأنواع هناك، وتراوح بين العوامة البسيطة التي تعمل بواسطة محرّك، وحفارات بطول خمسة أمتار يديرها العديد من الغواصين عبر التحكم بأنبوب شارق، تحت المياه، وهناك أضخم حفارات وتوصف بالنوع البرازيلي أو “التنّين”، وتتسبب بالأزمة الحالية، فيما تعمل 27 حفارة برازيلية بشكل غير قانوني في ريو نيتشي، وفقاً لعاملين في هذا القطاع غير الشرعي، كما تنشط حفارات كبيرة بشكل قانوني تابعة لشركة “مينيروس أولوفيال” المتعددة الجنسيات برأسمال كولومبي، وهي الوحيدة المرخص لها من الدولة في هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها نحو 50 ألف هكتار.
الحفارات البرازيلية.. مظهر عملاق..
في السياق ذاته، قال قائد الجيش في المنطقة الجنرال “إدواردو أرياس” الذي يقود عملية البحث عن هذه الآلات: “الحفارة البرازيلية هي سفينة من 3 طوابق، يبلغ طولها 20 متراً، وتتمتع بمحركات كبيرة، وتمتص قاع مجاري المياه” وتعود تسمية الحفارات البرازيلية لاستخدامها على نطاق واسع في منطقة الأمازون البرازيلية، وتمكنت وكالة “فرانس برس” من معاينة العديد من هذه الآلات، منها الحديثة “نايتيف” التي صنعت في نهاية عام 2022، ووضعت في الخدمة قبل شهرين في منطقة في ريو نيتشي.
ويرتكز الطابق الأول من هذه الحفارة على هيكل فولاذي ويضم غرفة للآلات، وفي الطابق الثاني أطنان من الرواسب على مصفاة عملاقة، بجوار مهاجع مؤقتة، ويمتد من الحفارة أنبوب طويل لامتصاص الرواسب، وتبدو بمظهر عملاق.
الحفارة بـ500 ألف دولار..
وبَنَت المجتمعات المحلية بمهارتها وقوتها هذه الحفارة المصنوعة من خلال أعمال يدوية وميكانيكية وإعادة التدوير، وتعمل الحفارة نحو 24 ساعة في اليوم في خضم ضجيج المحركات، ويتقاضى طاقمها الذي يبلغ 20 شخصاً رواتبه على أساس نسب مئوية، ويبلغ ثمن الحفارة البرازيلية نحو 500 ألف دولار، ويمكن للحفارة العثور على كيلوغرامين من الذهب يومياً، ما يوازي أكثر من 50 ألف دولار، حسب مصدر في الشرطة.
وشاهد فريق “فرانس برس” في نيتشي ما لا يقل عن 6 حفارات برازيلية محترقة، ويجري حالياً إعادة تأهيل العديد منها، كما في “نويفا إسبيرانزا” وهي قرية صغيرة فقيرة على ضفاف النهر، حيث استهدفت غارة للجيش 3 حفارات راسية جنباً إلى جنب، في 10 مارس/ آذار.
وحذر متجر لشراء الذهب من وقوع أعمال عنف في المستقبل إذا استمرت الحكومة في مضايقة المنقبين، فيما قال أحد المنقبين: “نحن بحاجة إلى حفارات للعمل بهدف كسب عيشنا.. إنها تخدم المجتمع بأسره”، مضيفاً: “عندما تكون معدتك خاوية، عليك القيام بنشاطات خارجة عن القانون”.
المصدر: أ ف ب