سورية الصلح والتصالح والمصالح .. بشار جرار – واشنطن

ها هو القادم يبشّر بما هو أعظم، منذ سلسلة القمم والزيارات الوازنة والدالة، قمتا موسكو: الروسية السورية فالروسية الصينية، زيارتا الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات وعلى يمينه في الزيارة الثانية، سيدة سورية الأولى أسماء، المنتصرة على السرطان، وسرطان الإرهاب، زيارة أم حافظ الأولى منذ اندلاع الحرب خارج الوطن، زيارة دالة في بروتوكولات سبقت التصريحات، كسرب من نسور سلاح الجو الإماراتي الذين رافقوا ضيفي الإمارات منذ دخول طائرتهما الرئاسية السورية الأجواء الإماراتية.
وهكذا كانت زيارة الأسد إلى سلطنة عمان “ضربة معلّم” عمانّية-سورية مزدوجة، أوجعت من ترعبهم خيارات الوساطة والمصالحة والسلام والأمن والتنمية، وهكذا توالت الأخبار السارة لمحبي سورية، مع تسارع وتيرة أنباء إطلاق قطار التطبيع العربي باتجاه دمشق الفيحاء، عاصمة الياسمين، المحطة المقبلة، السعودية بعون الله، ومن يدري لعل رمضان المبارك يحمل معه زيارة عمرة، تسبق زيارة وزير الخارجية السعودي المرتقبة بعد العيد إلى دمشق.
الصلح خير، مقولة أثبتت على مدى التاريخ صحتها، لكنها الدنيا.. وكم علت فيها المصالح القيم والروابط، بما فيها القربى، في عالم السياسة تبقى المصالح هي المعيار الأكثر موثوقية، ولا بد لنا في سورية وفي أمريكا وفي أي بلد في العالم فيه سلطة قامت على عهد خدمة الناس، لا بد لنا جميعا أن نتصالح مع أنفسنا، ونتعامل مع الحقائق والأرقام كما هي، لا كما نتمناها أو نراها من أي منظار كان روحياً، فكرياً أو سياسياً.
انتصرت سورية انتصاراً لم يبق عليه جغرافيّاً سوى بقعتين. لن أدخل في تفاصيل شمال شرق سورية ومحافظة إدلب، لكن بمجرد بدء تسيير الباصات الخضراء ومن بعد الطائرات ذات المقاعد الخضراء أيضا (إلى ليبيا)، كان من الواضح أن محاصرة الإرهابيين وكنسهم أو حشر المسلحين -لا خلاف على التسميات- كان يهدف إلى ترحيل أكثر الملفات الأمنية-السياسية تعقيداً إلى ما يبدو أنه مفاوضات المرحلة النهائية!.
وما يبدو أنه بالقياس على مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 الذي شاركت به سورية حينها، فإن قدر هذه المنطقة من العالم مازال يبحث على هيئة مراحل ومسارات.. القطار الآن صار على السكة أو بالأحرى السكك، والوجهة هي طي صفحة الاثنتي عشرية السوداء، وإطلاق عمليات إعادة الإعمار السابقة أو المتلازمة مع إعادة التأهيل الدبلوماسي والسياسي.
تقدم روسيا والصين شرق أوسطياً مقابل التراجع الأمريكي، الأطلسي والأوروبي، أقرت إدارة الرئيس جو بايدن بذلك أم أنكرته، يتيح تسريع إتمام الصلح، وكذلك بدء عهد جديد من المصالح التي تشبك ولا تشتبك.. وقد ثبت أن الدول العربية كلها، أولويتها الأولى هي الأمن ومن ثم الاقتصاد وبعدها تأتي السياسة رغم استحواذها على مفردات الخطاب الإعلامي التقليدي وغير التقليدي.
أتمنى بمحبة ورجاء، أن تتعزز مسيرة التصالح مع الذات والآخر في سوريانا الحبيبة، في الوطن والمهجر، فملف اللاجئين والنازحين والمهاجرين والمهجّرين كبير، ويشكل الضلع الثالث من آخر ما يواجه دمشق وكل متحالف أو صديق صادق أمين معها، المنطقتان اللتان لا تقعا تحت سيطرة الجيش السوري وهذا الملف، هو المثلث الذهبي الذي لن تكتمل دائرة إعادة إعمار سورية بسواها..
إقرأ أيضاً .. قمتا موسكو: القادم أعظم..
إقرأ أيضاَ .. للمحتفلين بالمرأة: لا تنسوا “السيدة”..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter