الكنيسة تحتفل بذكراه اليوم.. محطات في حياة البابا شنودة الثالث

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر والمهجر، اليوم الجمعة، بذكرى نياحة البابا شنودة الثالث، والذي يتفرد بابا الإسكندرية رقم 117 في تاريخ بابوات الكرسي المرقسى الرسولي، بالعديد من المواقف الوطنية والسياسية التي عاصرها خلال فترة توليه عرش «الكرازة المرقسية»، طيلة سنوات عديدة، ولما لا فهو القابض على الوطنية المصرية، وترك أثراً كبيراً وتأثيراً عظيماً لدى جموع الأقباط في مصر والمهجر، فضلاً عن المواقف النادرة التي كانت تحدث بينه وبين المقربين منه من الآباء الكهنة والأساقفة، والتي تجسد حكمة ووطنية ورؤية ثاقبة تمتد لعشرات السنين إلى الامام.
ورغم نياحته منذ سنوات، إلا أن البابا شنودة يظل تاركاً أثراً وتأثيرا لدى المصريين جميعاً المسلمين قبل المسيحيين، ولعل الجميع يردد مقولاته المأثورة دونما يعرفون أنه صاحبها والتي تجسد كماً كبيراً من الحكمة والراحة النفسية والنسك العظيم، مثل «كله للخير مسيرها تنتهي» و«مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه» فضلاً العديد من المقولات المأثورة الأخرى من بينها إن ضعفت يوماً فاعرف أنك نسيت قوة الله، أعط من قلبك قبل أن تعطى من جيبك، إن الكلمة التي تقولها تُحسب عليك مهما اعتذرت عنها، إن الضيقة سميت ضيقة لأن القلب ضاق عن أن يحتملها، ضع الله بينك وبين الضيقة فتختفي الضيقة ويبقى الله المحب، الضمير هو صوت وضعه الله في الإنسان يدعوه إلى الخير ويبكته على الشر ولكنه ليس صوت الله، توجد صلاة بلا ألفاظ.. بلا كلمات … خفق القلب صلاة …. دمعة العين صلاة ….. الإحساس بوجود الله صلاة، إن الله يعطيك ما ينفعك وليس ما تطلبه، إلا إذا ما تطلبه هو النافع لك، وذلك لأنك كثيراً ما تطلب ما لا ينفعك، ليكن الخير طبعًا فيك، وليكن شيئًا تلقائيًا لا يحتاج إلى جهـد، مثلـه مثـل التنفـس عنـدك.
وتحل الذكرى الـ11 لنياحة البابا شنودة الثالث، غداً 17 مارس/آذار الجاري، حيث تعتبر ذكرى نياحته مناسبة لجميع المصريين، وهذا ليس لكونه رمزاً دينياً مصرياً فقط وإنما كونه كان يمتلك من الكاريزما والحكمة الكثير ما يؤهله للحصول على لقب حكيم هذا العصر، وظهرت حكمة البابا شنوده الثالث في العديد من أقواله التي أثرت في جميع المصريين من مسلمين وأقباط، ومنها المقولة الشهيرة التي أصبحت درساً في الوطنية والانتماء وحب الوطن،وهى «مصر وطن يعيش فينا وليس وطناً نعيش فيه».
وتحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر والخارج، يوم 17 مارس الذكرى الحادية عشرة لنياحة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المتنيح، من خلال إقامة صلوات وقداسات لتذكره في هذا اليوم، خاصة وأنه جلس على كرسى مار مرقس الرسول أكثر من 40 سنة، قضاها في التعليم والخدمة وتوسيع النشاط الكنسي والتعليمي في مصر وبلاد المهجر.
ويقول القمص رويس مرقص، الوكيل البابوي السابق لكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية، راعي كنيسة السيدة العذراء مريم والشهيد مارجرجس في غبريال، فقال أن البابا شنودة الثالث المتنيح، كان معلم المسكونية كلها وقدوة الأجيال على مر التاريخ كما كان يتفرد بكونه شاعر وأديب عظيم قلما يجود الزمان بمثله.
وعن مواقفه مع البابا شنودة المتنيح قال القمص رويس، لـ«المصرى اليوم»: فقدنا رجل دين عظيم وراعي وأب متفرد، والجميع في حاجة ماسة إلى تعاليمه، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن التعليم موجودة وثابتة إلا أن الأقباط كانوا يتمنون أن يكون بين ظهرانيهم الان ليسمعوا منه فمًا لفم، فقد كان قدوة وحكيم ولطيف وحبيب الفقراء «أبناء الرب».
وأضاف القمص رويس، أن «شنودة الثالث»، كان أول بابا يرأس ويؤسس مجلة أسبوعية ويكون عضوا بنقابة الصحفيين، وحصل على عضوية النقابة في عام 1966م تقديرا من النقابة لدوره الوطني في العديد من المواقف الوطنية، كما كان خير سفير لمصر في الخارج، وحائط صد ضد الفتن التي كانت تلاحق الكنيسة والدولة المصرية، فكان نعم الحامى والربان والقائد والمعلم، مختتمًا:«وحشتنا».
وقال محسن جورج، عضو المجلس القبطي الملي التابع لكاتدرائية الأقباط الارثوذكس، أن المتنيح البابا شنودة الثالث كان متفرداً في كل شيء في عمله وخدمته وحبريته وتعبه من أجل الكنيسة، التي تربع على عرش كرسي مؤسسها القديس مارمرقس الرسول لمدة تجاوزت 40 عاماً، قضاها كلها في خدمة الكنيسة وابنائه في مصر والمهجر.
أما كريم كمال، الباحث في الشأن القبطي، رئيس الاتحاد العام لاقباط من اجل الوطن، فقال أن البابا شنودة، كان قائد ديني مؤثر ليس على المستوى المحلي فقط ولكن أيضاً على المستوى الاقليمي والعالمي، من خلال كاريزما حضور طاغية وخطاب ديني متوازن ومواقف وطنية وسياسية اجمع الجميع على سموها وخصوصاً وصوت مسموع ومؤثر في جميع المحافل الدولية على مدى أكثر من أربعة عقود بجانب تأثيره على ملايين الأشخاص في مصر والعالم.
وقال جوزيف ملا، مدير المركز المصري للدراسات الإنمائية وحقوق الانسان، عضو هيئة الدفاع عن الكنيسة، أن سبب تسمية البابا شنودة بـ«بابا العرب»، واختيار هذا اللقب، أنه في مايو عام ١٩٩٧ كان قداسة البابا شنودة، على موعد لحضور اجتماع رؤساء مجالس كنائس الشرق الأوسط بسوريا ثم يتبعه لقاء مع الرئيس السوري حافظ الأسد، وكان قداسة البابا قبل سفره تلقى دعوة لزيارة اللاجئين الفلسطينيين بمخيم اليرموك ورغم ترتيب جدول الزيارات لكن لم يتردد ورحب البابا على الفور.
خضعت مراحل حياة البابا شنودة للعديد من المحطات الدرامية والتراجيدية الكثيرة على مر سنوات عمره بداية من طفولته التي لم يهنأ فيها بأحلام الأطفال من أقرانه، حيث ماتت والدته وهو طفل صغير فاضطرت جارته المسلمة إلى ارضاعه، حيث ولد البابا شنودة، في 3 أغسطس 1923، بقرية سلام بمحافظة أسيوط، باسم نظير جيد، والتحق بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول بقسم التاريخ، حيث بدأ دراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والحديث، وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية، وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليريكية وعمل مدرساً للتاريخ، وحضر فصولًا مسائية في كلية اللاهوت القبطي فكان تلميذًاً وأستاذًاً في الكلية نفسها، كما أحب الكتابة وتأليف القصائد الشعرية، وكان ولعدة سنوات محرراً ثم رئيساً لتحرير مجلة مدارس الأحد، حيث كان ألو بابا يعمل بمهنة الصحافة ولديه عضوية في نقابة الصحفيين، وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة؛ إذ كان من الأشخاص النشيطين في الكنيسة وكان خادمًا في مدارس الأحد.
كما ترهب البابا الراحل في دير السريان عام 1954، ورسم باسم الراهب أنطونيوس السرياني، يوم السبت 18 يوليو 1954، وقال إنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، ومنذ عام 1956 إلى 1962، عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسًا فيها كل وقته للتأمل والصلاة، واللافت أنه عمل سكرتيرًا خاصًا للبابا كيرلس السادس في عام 1959، ورُسِمَ أسقفًا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.
وعندما توفي البابا كيرلس في 9 مارس 1971، أجريت انتخابات البابا الجديد في 13 أكتوبر، ثم جاء حفل ترسيم البابا (شنودة) للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة في 14 نوفمبر 1971 وبذلك أصبح البابا رقم (117) في تاريخ البطاركة الارثوذكس.
المصدر: المصري اليوم