إضاءاتالعناوين الرئيسية

إلى عاصي.. مراد داغوم

 

إلى عاصي.. مراد داغوم
“هو”
هو كان رجلاً نبيلاً وحكيماً، ولو كانت الحِكمة والنُبل بالوراثة لما اختلف الوَرَثة.
هو كان عبقرياً، والعبقرية في حالِهِ ذِهنُ متوقِّدٌ، واستبصارٌ للجَمالِ نابعٌ من تراكمِ تجاربِ الذهنِ، ودليلُه حُكمُ النتائج التي أثبَتَت تلك العبقرية المكتسبة.
هو لم يكن أنانياً، عَرِفَ أن تَفَرٌّدَه المؤقَّت خسارةٌ للكل، وأن الزمنَ كفيلٌ بإنصافه. هو الذي اكتفى بالقيادة إلى الكمال مُستَتِراً بوضوح شديد.
هو المُنصِفُ الذي كان استبدادُه الضروري طريق النجاح الأمثل.
هو الذي كان غيابُه افتضاحَ الحقيقة، فحقق في رحيله ما جاهدَ أن يَسترَه في حياته. بِخَبوِ عُمرِهِ خَبا أَلَقُ الكلمةِ، وخَمَدَ بريقُ النغمِ.

“هي”
هي الأمُّ الحزينةُ دائماً.
هي العطاءُ الربّانيُّ الذي عشقناهُ وقدَّسناه نَمَّقَت وشذَّبت نِعمَةَ الرَبِّ بِهَديِهِ ومَشيئَتًه دائمةُ الحُزنِ لأن الجميعَ صادروها، واقتسموا ثيابَها فيما بينهم، مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، وَجَلَسُوا هُنَاكَ يَحْرُسُونَهُا (*)
هي من صادروا قرارها وحريتها في الاختيار، لأن مِنحَتَها لم تتضمَّن الحِكمة.
هي… ما زالت عَطيِّتُها أيقونةً شعبيةً مُقدسةً في كل البيوت.
“هُم”
هم الوارثون بالتعصيب المُبَدِّدون بالكُره والأنانية ورثوا المَيتَ ولم يوفِّروا الحَيَّ من تَعَبْقَر خَبا لحماقَةٍ وتَهَوُّرٍ وَمَن غَزا وصادَرَ واستَغلَّ، تَبّجَّحَ بِهَوانٍ مكشوفٍ تَنَكَّرَ كُلُّ فَرعٍ لأصلِه، وَتَمَسَّكَ بِحِصَّتِه، فَجَلَدونا باستئثارِهِم بما هو لنا.
“نحن”
نحن لا نملك شيئاً ولا نريد أن أحد يملكنا العارفون، الصامتون، المتفرجون الحزانى عليها والفرحون بها والشامتون بهم. إلى عاصي..
(في ذكرى يوم رحيله 21 حزيران) سِتَّة وثلاثون عاماً سُموّكَ جَليٌّ مُسَيطر ضَئيلون حالِكون بما أَنجزوا، وأنت الواسعُ الساطِع يَتَبَدَّدون في مهاتراتهم وتبقى ماجداً أبداً.
(*) إنجيل متى 27:35.
.

 

*مراد داغوم.. مؤلف وموزع وناقد موسيقي – سوريا

-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews/

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى