هكذا يكون القصيد .. أحمد علي هلال

لا عزاء للسؤال عن المسافة المفترضة ما بين القصيدة والشعر، وأيهما أبقى أكثر تقول –الذائقة- وتعطف عليها التجربة بما تمتلكه من إمكان جمالي هائل.
هكذا يكون القصيد ..
فقدر الشعر أن يكون حارس الفطنة لأزمنة قادمة، لا أن يكون صدى للحظة عابرة، فالشعر في نهايات القرن كما وشى بذلك «أوكتافيو باز» هو المستقبل وكيف تأتي منه أيها الشاعر المحمول على هواجسك ومكابداتك الطليقة، وكيف تكتب ليبقى الشعر، وتبقى القصيدة تخيط تلك المسافات/ العراء لتجوهر جرحاً خفياً ندياً، وتشتق منه ما يشي بممكنات الجمال، والممكنات هنا ليست قدر اللغة الثرية فحسب، بل أكثر من ذلك كيف تستطيع اللغة أن تقف بوصفها المعادل لكينونتنا..
.
كان الشاعر محمود درويش يردد على الدوام: «لغتي منفاي»، وبالمقابل جهر مارتن هيدجر: «اللغة مثوى الكينونة»، لكن بالمقابل لا يذهبن أحد ما إلى التعويل على اللغة وحدها بطاقتها الإشارية، بقدر ما يمكن الذهاب إلى حمولاتها وتغير أنساقها في عالم يذهب بفعل المصادفات العجيبة «إلى التفاهة»، إذن فقدر الإبداع أن يظل كما عشبة جلجامش، تأتي بالأزمنة كلها لتصير زماناً شعرياً يحتفي بقدرة الكائن / الإنسان، على افتراع الحياة من موات أسير، وليس الجهر بالقلق –على الدوام- هو ما يعني القصيدة الحديثة، بقدر ما ينبغي السؤال كيف لهذا القلق أن يوزع على الأرواح حصتان متساويتان من الألم والفرح.
.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا
.
لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews/