قضى القوميون العرب حياتهم الطويلة؛ يحلمون وينادون بالوحدة العربية، وأغرقونا في مدارسنا وبيوتنا وشوارعنا وأحزابنا وحياتنا بأضغاث أحلامها..
نماذج الوحدة التي قامت سواء بين اليمن الشمالي والجنوبي، وبين سوريا ومصر، وبين سوريا والعراق، وبين العراق وسوريا وليبيا والجزائر، وبين مصر وليبيا وسوريا والسودان، وبين ليبيا والجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا، ووووو. كلها بلا استثناء تغنت بأهمية الوحدة ونتاجها التقدمي (!) وهجت دول شقيقة أطلقت عليها صفة الرجعية (!) وكلما تمّت وحدة بين بعض الدول العربية في المساء على وقع قصائد المديح وأغاني الثناء، صحونا في الصباح على أخبار الانفصال وخطابات الهجاء.
وعلى الرغم من أن كل تلك الوحدات أقامها (رؤساء متعلمون مثقفون) باءت جميعها بالفشل! ولم تنجح طيلة عقود سوى وحدة أقامها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، شيخ بدوي لا يحمل شهادات جامعية وانتماءات حزبية، بل خيزرانة رقيقة يخط بها على أرض صحراء أبوظبي أحلامه وطموحاته بقيام دولة الاتحاد بين قبائل الإمارات المتصالحة. يقرأ في الرمل طالع الوحدة، ويكتب بناء الدولة وإنسانها، بصمت وهدوء وتخطيط وحكمة، وشراكة مع شيخ إمارة دبي المجاورة؛ المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. الذي اتصف بدوره بالحكمة والطموح. وحققا معاً ومع اخوانهم حكام الإمارات الخمس المتصالحة، وحدة شملت اتحاد سبع إمارات، هي اليوم دولة رائدة عالمياً: دولة الإمارات العربية المتحدة. .المغفور لهما زايد بن سلطان و راشد بن سعيد
خمسون عاماً، واتحاد الإمارات يزداد قوة وتماسكاً.. وتزداد الشعوب العربية فخراً بنجاح هذه الوحدة التي أذهلت العالم في الشرق والغرب. فحتى دول الغرب وسواها؛ فشلت في كثير من المرات وحدات قامت بين دولهِ!
حين تكون مصلحة البلاد والعباد هي الأولوية؛ لدى القادة، وتتقدم الآراء والرؤى وتتجاوز الحاضر متطلعة إلى المستقبل، تستمر الوحدة وينجح الاتحاد.
كل كل كل ما نراه من نهضة عمرانية واقتصادية وثقافية وقبلها إنسانية في الإمارات، كانت مجرد أحلام صغيرة في رؤوس شيوخها، حققوها بقلوبهم وأفعالهم، لا كلامهم وشعاراتهم.
هيض الأشجان كل ما سبق أعلاه؛ نبأ مطالبة جنوب اليمن بالانفصال عن شمال اليمن. بينما لا يزال “القومجية” يكتبون عن وحدة عربية من المحيط إلى الخليج. دون قراءة جادة واعية لتجربة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، والتعلم منها.