النوّاب سادن آلام الإنسان.. أحمد علي هلال

هو جرح لغة وهوية.. صوت صارخ في براري الأبجدية بما امتلكت من ضراوة حدَّ الالتحام والتعرية والانكشاف، هو الصادح ليس بمواويل العراق فحسب، بل بمواويل وطن امتد على شغاف القلب بشراً وفرات.
كيف لا وهو الشاعر الرائي من أول الجحيم إلى تضاريس المنافي، ومن فداحة البدايات إلى احتدام النهايات، شكّل اسمه جسارة مكتفية بجسارتها، مظفر النواب -ذات وطن- كان السارية والنشيد، كان بغداد والقدس ودمشق، وأصقاع وطن ترامى أمام ناظريه كجرح أكثر اتساعاً… ذات وطن ظل السارية والنشيد من ميراث الأغاني الناحلة، منذ أن كتبه الشعر فكتب وترياته/ أناشيده بطعم الوطن.
النواب إذن وطن مسافر بين حدقات العيون، جمرة التحمت بفصاحة الشعر ومرئياته ومروياته، لتهبط أرض الكلام، ويُحمل في الصباحات البعيدة ضاجاً بالغناء، و كيف نعيد تأويل اسمه ، واسمه تأليف بين قطع القلوب ونداءات الضمائر ليصبح المثقف والإنسان والمناضل، وجدليته بامتياز أن يكتب حرية وطنه، لأنها حريته كاسم جمعي على امتداد جغرافيا الكلام والقصائد، وليكون السهم الذاهب أبعد من نزيف الماء وشجن الشجر الكثيف في الظلام.
يا لبهاء الخواتيم حينما يموت المغني وتظل حنجرته صادحة بأحلام البسطاء والثوريين والحالمين، فخذوا الغناء والمواويل والقصائد الواقفة كنصل عارٍ، خذوا شعره بقوة.