اختفاء بحيرة في العراق تشكلت قبل عشرة آلاف سنة

أثارت صور اختفاء بحيرة “ساوة” الطبيعية في العراق والتي تشكلت قبل عشرة آلاف سنة الطبيعية الكثير من الجدل على منصات مواقع التواصل الاجتماعي بالعراق.
وأظهرت الصور التي نشرها وشاركها مغردون ونشطاء لبحيرة “ساوة”، التي تقع جنوب غرب السماوة جنوبي العراق، مشاهد صادمة لاختفاء البحيرة تماماً، وسط دعوات غاضبة لتدارك الأمر من قبل السلطات المختصة.
وعبّر عراقيون عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي عن صدمتهم وحزنهم لما شاهدوه من صور لبحيرة ساوة، في حين حذر مراقبون ومتخصصون من خطورة الجفاف الذي يعصف بالعراق.
وساوة (23 كلم غرب مدينة السماوة )، هي بحيرة مغلقة تعتمد على المياه الجوفية التي تغذيها من صدوع جدرانها وترتفع عن الأرض المحيطة بها 5 أمتار أي لا يمكن رؤيتها إلا عند الاقتراب منها وتبعد عن نهر الفرات 10 كم وترتفع عن مستوى النهر 11 مترا.

وبحسب الوثائق التاريخية فإن مفردة “ساوة”، كلمة آرامية تعني العجوز، وهي من أقدم البحيرات في العالم التي تشكلت خلال عصر الهولوسين قبل عشرة آلاف سنة.
وتقع البحيرة، وسط صحراء السماوة ومحاطة بجرف صخري مكون من ترسبات كلسية، وتبلغ مساحتها ما يقدر بنحو 12.5 كم2 حيث يبلغ طول البحيرة 4.74 كم وعرضها 1.77 كم.

اختفاء بحيرة في العراق تشكلت قبل عشرة آلاف سنة
وحتى الأمس القريب شكلت بحيرة “ساوة”، معلماً سياحياً جذاباً للعديد من الزائرين فضلاً عن كونها من أغرب بحيرات العالم لحفاظها على مياهها رغم موقعها وسط الصحراء وعدم وجود أي مصبات ومغذيات لها سوى المياه الجوفية.
وقال مدير بيئة محافظة المثنى يوسف سوادي -في تصريح إعلامي- إن “هناك 3 عوامل رئيسية وراء الجفاف الذي أصابها، منها التغير المناخي الذي أصاب العالم، والعراق من أكثر البلدان تأثرا به، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية؛ مما أسهم في انخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا”.
وطالب سوادي الحكومة العراقية “بتشكيل لجان لمتابعة الموضوع، في حين دعا المنظمات الدولية للمشاركة في حل ما وصفها “بالكارثة البيئية” التي حلت بالبحيرة التي كانت تعد من الظواهر الطبيعية الشهيرة والفريدة في العراق ويمتد عمرها لآلاف السنين.
من جانبه يقول معاون مدير الهيئة العامة للمياه الجوفية، أحمد ناظم كوير، إن “القرار الذي اتخذ عام 2014، باعتبار المثنى عاصمة زراعية للعراق أسهم في تداعيات ما يحدث اليوم، بعد أن عمد الكثير جراء موجة شح المياه إلى حفر الآبار لتجاوز الأزمة المتصاعدة في البلاد منذ سنوات”.
ويضيف كوير خلال تصريحات إعلامية”، أنه “ومن خلال فرق المراقبة التابعة للبيئة رصدنا وجود أكثر من 1300 بئر ارتوازي وبأعماق كبيرة تلامس طبقات جوفية غاطسة في باطن الأرض”.
وتابع: “رغم كل الحملات التي بذلت من قبل السلطات المحلية لرفع تلك التجاوزات إلا أنها لم تكن بالمستوى المطلوب مما سمح بنضوب كامل للطبقة الأولى مع استمرار بعض الشركات الأهلية بعمليات الحفر التي بدأت تلامس الطبقة الثانية من البحيرة”.
ويشير كوير إلى أن “خطورة ما يحدث ليس في اختفاء بحيرة ساوة بوصفها معلماً طبيعياً ومنطقة جذب سياحي فحسب وإنما في استنفاد خزين استراتيجي في مياه الشرب في ظل أزمة جفاف تعصف بالبلاد يرافقها التغيرات المناخية التي تضرب أغلب دول العالم”.
وبحيرة ساوة من البحيرات الفريدة لما تتصف به من ارتفاع نسبة الملوحة فيها مقارنة بباقي البحيرات والأنهار في العراق، حيث تبلغ هذه النسبة 1500 بالمليون، وهي نسبة عالية جداً، حيث إنها أعلى ملوحة من مياه الخليج العربي بمرة ونصف.
والمنطقة برمتها هي جزء من السهل الجبسي وتتصف الأرض بالاستواء والانبساط، حيث تزداد درجة الميل بصورة عامة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي بمعدل ارتفاع 2,7 متر بالكيلومتر الواحد وتكثر في المنطقة الظواهر الطبيعية مثل السبخة والكثبان الرملية.
وتعلو البحيرة بين واحد إلى أربعة أمتار عن الأراضي المجاورة، وتعلو عن نهر الفرات القريب منها ما بين خمسة إلى سبعة أمتار، كما ترتفع عن شط العرب والخليج العربي ما بين 17-20 م.
ويتراوح عمق المياه في البحيرة بين أربعة إلى خمسة أمتار، كما يتباين لون الماء بين الأخضر الداكن (قرب الضفاف) إلى اللون الأزرق في العمق، حيث يتقلب مستوى المياه في البحيرة بين مواسم الجفاف والرطوبة لكنها لا تجف بسبب التوازن بين الكمية المضافة من المياه الجوفية وكمية الماء المتبخرة.
المصدر: وسائل إعلامية + مواقع إخبارية عراقية